أم عظيمة تنجب عظيماً هل لها مثيل؟ لم يتلوث فكرها بالثقافة الغربية ولم تعطب نفسها بمخالطة السفيهات من بنات جنسها ولا بمحادثات الرجال الذي يتبعون الإرساليات الأجنبية ليفسدو الأجواء ويسممونها ليس بالتدخين والمخدرات وإنما بتلويث النفوس وقهرها وهزيمتها، لكن تتهيأ للانطلاق إلى عالم الحرية المزيفة التي تجعل من الرجال مسخاً مصحوباً ومن النساء كائنات جوفاء من الداخل محشوة بالقبح الأخلاقي والخواء الروحي، تعيش لتأكل وتهوى وتتزين وتعتمد على مناصرة الرجل الذي يدافع عنها ببسالة ليس من أجل قضية تحترم آدميتها وتجل عقلها وتقدر خصوصيتها وتربطها بتاريخها وعقيدتها وواجباتها أو حقوقها المنزلية والعائلية والاجتماعية ليس من أجل ذلك كله وإنما من أجل قضية مزيفة، فيها امتهان للمرأة وتنقيص من قدرها عندما يراد أن تتحول إلى دمية جميلة يستمتع بمنظرها الرجال، لذلك فهم يريدونها أن تظهر متبرجة، تلبس الخفيف وتكشف الكثير من محاسن جسمها لأصحاب العيون الوقحة والميول المنحرفة وإذا جاء من يقول:”لا” فالمرأة أعز وأكرم وأرقى في ميادين الفقه أن تتحول إلى عارضة أزياء أو ملكة جمال أو ماشئتم من هذه السفهات، فإن الدنيا تقوم ولا تقعد باسم الحرية تارة وباسم حقوق المرأة وباسم الديمقراطية لكن لا يوجد من يقول:”باسم السفاهة”. النموذج الراقي الذي نقدمه اليوم هو نموذج المرأة العظيمة بكل المقاييس تلك العظيمة، هي أم سفيان الثوري رحمه الله فقيه العرب ومحدثهم وأمير المؤمنين في الحديث والذي فيه زائرة بن قدامى الثقفي:”الثوري سيد المسلمين”وقال فيه الأوزاعي:”لم يبق من تجتمع عليه الأمة بالرضا إلا سفيان”. كان وراءه أم صالحة، تكفلت بتربيته والإنفاق عليه، فكان هو ثمرتها يصور لنا ذلك هو بنفسه فيقول:”لما أردت أن أطلب العلم قلت: يارب، لا بدِّلي من معيشه، ورأيت العلم يدرس “أي يذهب ويندثر” فقلت أفرغ نفسي في طلبه، قال: وسألت الله الكفاية، يعني أن يكفيه أمر الرزق، فكان من كفاية الله له في ذلك الشأن أن قيض له أمه التي قالت له: يابني أطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي. فهل لهذا النموذج الراقي من النساء نموذجاً يصلح للمقارنة في وقتنا الحاضر؟ لقد جاءت الثقافة الغربية لكي تزرع الوهن وتزرع الشعور بالقهر للمرأة من الرجل وتعطل ضميرها وتصرفها عن واجباتها في إنجاب العلماء، وتنشئة المبدعين، وبدلاً من إنجاب العلماء فقد تخصصت في إنجاب إما متسولين وإما سياسيين فاشلين أو قادة وزعماء يتآمرون ويتقاتلون على حساب مصلحة الوطن، إلا ليتني أعلم: متى تكف الأمهات عن إنجاب أمثال هؤلاء؟