قطاع الخدمات اليوم يتصدر اقتصاديات دول العالم ، وبخاصة في دول العالم المُتقدم . ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية ، يُمثل إجمالي إنتاج “ قطاع الخدمات “ ما يقارب من 70 % من الناتج القومي الإجمالي ، ومثله في دول أوروبا ، وإن بنسب متفاوتة ومتقاربة ، يساهم في إنتاجه : القطاع العام والمؤسسات والمنظمات العامة القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني . وقد تناول كثير من الكتاب دور “ قطاع الخدمات “ في اقتصاديات الدول منهم ( ريتشارد نورمان – إدارة الخدمات – الطبعة الأولى – 2005 م ) ، حيث في الفصل الأول منه تحت عنوان “ الأسطورة والحقيقة لمجتمع الخدمات “ وفي سؤال للكاتب “هل نحن سائرون نحو مجتمع الخدمات ؟ “ أجاب “ إن الاتجاهات توحي بذلك ، مواصلاً كتابته “ لقد خَبِرت أكثر الأمم تطوراً مثل» الولاياتالمتحدة » “ والدول لاسكندنافية “ تغيُراً في البنية الأساسية لأنشطتها الاقتصادية ، ذلك أن نحو ثُلثي إنتاجها القومي الإجمالي يأتي من عمليات ليست زراعية ولا صناعية ، وبصرف النظر عن كيفية تعريفنا لهذه المصطلحات فإن الاتجاه يبدو واضحاً “ ص (25). . تأتي أهمية “ قطاع الخدمات “ من عوامل نجاحه، حيث ثورة المعلومات والاتصالات والتطور التكنولوجي، واقتصاد المعرفة، والتحول من القطاع الأول ، “ القطاع الزراعي “ إلى القطاع الثاني “ القطاع الصناعي» ثم إلى القطاع الثالث “ قطاع الخدمات » - وإن بنسب متفاوتة من دولة إلى أخرى- ، واحتياجات القطاعين الأول والثاني إلى الخدمات ، وتطور تدخل الدولة في تقديم الخدمة العامة- لتصبح الدولة المتدخلة- “دولة الرفاة” بعد أن كانت في ظل “الدولة الحارسة” تتمثل في خدمات الأمن والعدل حتى الثورة الصناعية، والذي توسع أكثر، بعد الحرب العالمية الثانية في كلا التوجهين ، الرأسمالي والاشتراكي . وفي العقد الأخير من القرن العشرين ، ونتيجة للمتغيرات والتحولات العالمية ، حيث تفكك الاتحاد السوفيتي، والكتلة الشرقية بشكل عام ، والتحول نحو النظام العالمي الجديد ، والعولمة ، بالإضافة الى مُتغيرات أخرى ، احتل قطاع الخدمات المرتبة الأولى في اقتصاديات الدول . وبالرغم من أن القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني دخلا شريكين في التنمية في ظل التوجه الجديد عالمياً إلا أن القطاع العام والمؤسسات والمنظمات العامة لا زالت تلعب دوراً كبيراً في تقديم الخدمة العامة وإن بأداة وآلية جديدة وفي ظل مفهوم اقتصاد السوق ( الاقتصاد الحر ) ، حيث المنافسة في تقديم السلعة والخدمة يحكمها العرض والطلب . فللقطاع العام - المؤسسات والمنظمات العامة - وشركائه ، عوامل نجاح في تقديم الخدمة العامة والخاصة ، منها “ الحوافز “ بشقيها المادي والمعنوي ، مهارات وقدرات العاملين ، تفعيل وظائف “ إدارة الموارد البشرية “ . وقد تناول ( هلال و آخرون ، إدارة شؤون الدولة و المجتمع ، 2001) أثر الحوافز على أداء العاملين في المؤسسات والمنظمات العامة ، حيث يقول “ إن مدى الاهتمام بتطبيق الحوافز المادية والمعنوية ومدى حساسية الموظفين تجاه تلك الحوافز والعلاقة بين تلك الحوافز وبين أدائهم من الأمور التي تتطلب النظر إليها بعين الاعتبار من قبل أنظمة وإدارات الخدمات ، وهناك علاقة إيجابية بين الحوافز المادية و المعنوية المُطبقة في المؤسسات العامة وبين أداء الموظفين ، وبالرغم من ذلك فقد كشفت الدراسات عن تدني اهتمام المدراء إجمالاً بتطبيق الحوافز المعنوية وتركيزهم على الحوافز المادية أحيانا ويعود ذلك لاعتقادات ثقافية وعرفية واقتصادية “ . هكذا اليوم يُنظر إلى “ قطاع الخدمات “ وفي اليمن حيثُ شحة المياه وندرة الموارد المالية الاستثمارية تُمثل عقبات أمام نجاح القطاعين الأول والثاني، فإن الأمل في قطاع الخدمات يبقى مفتوحا، متى ما أدركت السلطات اليمنية أهميته وعملت على تهيئة مناخه واستغلت مقوماته، وعملت على إيجاد التشريعات المنظمة له، وإيجاد مؤسسات ومنظمات التدريب والتأهيل وتطبيق “إدارة الجودة الشاملة” بأبعادها المختلفة. [email protected]