وإذا زدنا في استرجاع بعض الأحداث ذات الصناعة (الغرب-أمريكية) إلى ذاكرتنا المعاصرة لوجدنا ثمة مفارقة عجيبة في إستراتيجية التطويق القديمة-الحديثة التي يجري من خلالها ممارسة أشكال الابتزاز والقهر والإذلال ،تحت مظلة التبشير بخلاص البشرية وسعادتها بمسميات مختلفة كمسمى “العولمة” في عصرنا الراهن..ولعلنا نتذكر مثلاً وصف “جون فوسترد آلاس” لسياسة الحياد لبعض الدول في آسيا- وهي نموذج لسياسة التعايش السلمي والتعاون والتعاضد في تلك المرحلة-بأنها بحسب قوله“غير مهذبة”..! ولهذا فقد عملت واشنطن الكثير من اجل إخمادها،ونفذت أعمالاً وحوادث نتذكر منها مؤامرات اغتيال رجال الحكم في كمبوديا عام 1959م وسحب سفيرها “اليسون” من اندونيسيا عام 1958م بحجة انه شخص غير مرغوب فيه،ونجاح مخابراتها في القضاء على حكومة “مصدق” في إيران بعد مبالغ صرفت لهذه العملية قدرت بحوالى 19 مليون دولار. وفي 1953 أوفدت المخابرات الأمريكية عملية “بروس كوندي” إلى اليمن تحت ستار صحفي والهدف هو جمع معلومات عن الدول العربية وعرقلة التوسع الاقتصادي والتجاري العربي،ووصل بها الأمر إلى تدخل مسلح كما حدث في كوريا ولبنان وكوبا وفيتنام،وقد أطلقت العنان لوكالة مخابراتها المركزية التي كان يصفها الزعيم الهندي جواهر لال نهرو بقوله “إنها القوة الشريرة الملعونة في زماننا المعاصر”،ولم يخطئ نهرو في وصفه هذا،فهي التي نجحت في قتل “لا للندي” في شيلي و“لومومبا” في الكونجو وحاولت وفشلت في اغتيال “كاسترو” في كوباو“مكاريوس” في قبرص وشوهت بالحرب التشهيرية ب“سوكارنو” في اندونيسيا و“نكروما” في غانا وفشلت مع “شوين لاي” في الصين و“انديرا غاندي” في الهند،وعند توجه جمال عبد الناصر الى الاتحاد السوفيتي لعقد صفقة سلاح وكسر احتكار السلاح الى الأبد فقد “دالاس” أعصابه،وبعث إليه بعدة إنذارات شفوية من بينها “انه سوف يفرض حصاراً بالأسطول السادس على الشواطئ المصرية ويمنع وصول السلاح السوفيتي إليها” ورفض عبد الناصر كل الإنذارات ولم يرضخ او يستجب للترهيب او الترغيب،حينها اشتد غضبه ولم يغفر لعبد الناصر، فقال جون فوستر دالاس لشقيقة “الآن دالاس” مدير المخابرات المركزية آنذاك” ألا تستطيع المخابرات تصفية مشكلة عبد الناصر وهز آلان دالاس رأسه وبدأت وكالته ترسل فرق الاغتيال للتخلص من جمال عبد الناصر ولكنها فشلت. [email protected]