نتحدث عن الإرهاب ومخاطره، ونلوك الحديث والشعارات عن استئصال شأفته، وما إلى ذلك، لكن دون الإدراك عن أن هذه الأحاديث والشعارات، وحتى الحرب ضده إنما تخوض في نتائجه فقط، ولا تتسع في الخوض والفعل في بدايته، والتهيئة الحقيقية له بقصد، ودون قصد، لن نتحدث عن مناهج التعليم والتربية المختلفة، وخاصة منها الإسلامية التي لا تتسامح مع الفنون بأنواعها غناءً أو مسرحاً أو رسماً تشكيلياً وحتى شعراً أو قصة أو موسيقى، فكل هذه المواد في نظر المعنيين من المحرمات والمحظورات المعاقب عليها. في مساجد الله قل أن تجد خطبة جمعة واحدة تخلوا من التحريض على النصارى واليهود .. هكذا النصارى واليهود دون أي تحديد أو فهم أو استعداد حتى له ما يرسخ الكراهية والضغائن المجانية لأهل الكتاب مجتمعين دون تفريق بين محارب وبين سائح مجاور مؤمن بحيث يصبح الجميع هدف المسلم في الخطف والقتل والكراهية المطلقة فقط، وعلمهم ومنجزاتهم التكنولوجية وثورة معلوماتهم وإبداعاتهم المختلفة وثقافتهم محل شبهة مع الملبس والمأكل، وهلُّم جراً، يحدث كل ذلك ولدينا وزارة أوقاف وإرشاد تضم طابوراً ضخماً من الموظفين والمختصين في إدارات وأقسام مهمة بعضها إرشادية ،ولكنها عاطلة حتى عن الموعظة الحسنة فضلاً عن الفهم والثقافة الإسلامية اللينة المتسامحة. للإرشاد والمساجد وخطباء الجمع: اليهودية ليست الصهيونية التي تقف مع إخواننا الفلسطينيين في مفترق طرق الحرب والتنكيل، اليهودية ديانة فقط، وتنتشر في معظم أنحاء العالم وتقف هي الأخرى مع الصهيونية في مفترق طرق، إذ تعتبر نفسها ديانة ليس لها وطن، وهي من هذا المبدأ لا تقر للإسرائيليين بوطن وللعلم والإحاطة.. هم أهل كتاب وآيات الله في معظمها تعترف بالكتاب الذي أنزل عليهم وتحث على التعامل معهم. {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لانعبد إلا الله} صدق الله العظيم كان يمكن لحكام العرب والمسلمين أن يتعاملوا مع المنظمات اليهودية المنتشرة في بعض أنحاء العالم من منطلق مبادئهم في يهودية الدين بلا وطن بالدعم والاحتضان، لكن حكام العرب ومعهم بعض حكام المسلمين لم يكن معهم وقت لترهات اليهود، وإنما كل الوقت منهمك في صناعة الأذى والتفرقة، وإعداد المليشيات والجيوش الخاصة والجواسيس والمخابرات لحبس نبضات القلوب وتهيئة الملاعب والساحات والمنافقين والانتهازيين للتطبيل والتزمير وتوريث العروش، كيف يمكن للإرهاب أن يحارب كنتائج فقط، وليس في الف بائه وأولياته كيف يمكن لإرهاب أن يجفف، وخطباء مساجد بيوت الله يهيئون له دون قصد، أو إدراك المخاطر: “أللهم عليك باليهود والنصارى.. اللهم اجمعهم عدداً وبددهم بددا، ولا تغادر منهم أحداً، ويطيب للبعض أن يضيف الشوعيين الذين لم يعودوا والاشتراكيين الموجودين، وهلم جراً. والمسرح المدرسي وتدريس الموسيقى والفنون الأخرى، واستنفار المواهب في إبداعات القصة والرواية والشعر وغير ذلك من الإبداعات التي لاغنى عنها في تنشيط المخيلة وتهذيب النفس وتشذيبها حتى تكتسب من الذوق الجمالي الرفيع أجمله وأروعه!؟ صحيح أن البطالة وفقدان العمل والأمل في لقمة عيش كريمة، وتكوين أسرة تشكل أحد بؤر الانحدار للانخراط في أي عمل، وأي نشاط، وتهيؤ للاستقطاب السهل للارتهان لأي منهما مهما يكون مردوده المدمر للوطن، غير أن المناهج الدراسية المستوفية لمتطلبات الحاضر والمستقبل والمتوجه بالفنون والإبداعات والارتقاء بالمخيلة، والتنشئة الأسرية المستقرة، وتهذيب الخطب في مساجد الله من المزاج والشطح والتشدد بما يجنح للاعتدال والوسطية، واستيعاب الإنسانية في إمكانية تحقيق التفاهم والتعايش والاستفادة من منجزات العلم وثورة المعلومات لدى الأخر، ذلك هو مايحقق التوازن في نفسية الإنسان وثقافته وسلوكه وتعامله السوي مع المحلي والأخر بعيداً عن الأحقاد والضغائن والتطرف.