الحقيقة المرعبة التي يعترف بها سدنة الأراشيف العالمية الأكثر حساسية وخطورة هي الحامل الأكبرللتهمة الكُبرى التي تطال مؤسس ويكلكس، وما عدا ذلك من تخريجات وسيناريوهات فإنها ليست سوى الوجه المُعلن للخبر، ومفاده: أن المؤسس للموقع يتحصن بالسفارة الاكوادورية، وأنه مطلوب للمثول أمام محكمة سويدية، لكونه متهماً بالاعتداء والاغتصاب الجنسي. ومهما يكن من أمر فإن الهدف الجوهري للمتضررين الاستراتيجيين يتحقق عملياً لمجرد وجود المتهم المطلوب في السفارة الاكوادورية، متقمصاً ثوب الهارب من العدالة، كما أن بريطانيا العتيدة في احترامها للقوانين لن تتخطّى قانون الحصانة الدولية للسفارات، ولكنها ستعمل حتماً على منع المتهم المطلوب من المغادرة، حتى وإن ظل قابعاً في مربع حبسه الدبوماسي الاختياري لعشرات السنين. وبالمقابل سينتهي مسلسل ويكلكس ، فيما ستصل الرسالة إلى كل من تسوِّل له نفسه المغامرة في اللعب على ميادين الكبار، واختراق الحجب، والتطلع لما وراء الآكام والهضاب العالية. وهكذا ستنتهي لعبة ويكلكس لتدخل التاريخ كما لو أنها بارقة عابرة، أو ملهاة لا تخلو من مأساة، وبالمقابل سيعمل سدنة المعلومات الأكثر حساسية وخطورة على الاستفادة من التجربة المريرة، وإعادة النظر في ثوابت العمل المعلوماتي، بل الاحتساب الدقيق لمفاجآت الأجهزة الرقمية الذكية، ومن يعمل فيها من أفراد ليسوا بمنأى عن الإصابة بسيكوباتزم القوة المعنوية النابعة من الاستحواذ على الحقيقة الغائبة عن الناس. لم تعد احتمالات اللوثة الكبرى في العالم نابعة من ضباط الصوامع النووية الذين يخيفون من أوكل إليهم أخطر المهام التدميرية المستحيلة عقلاً ومنطقاً، بل أصبحت المعلومات المنفلتة من عقالها تمثل فزّاعة كبيرة، لأنها تتقاطع مع سلطة الإعلام العالمي ، والمؤثرات النفسية على الجماهير، وخوارق الوسائط المتعددة بتمظهراتها المختلفة، مما رأينا شاهداً من شواهده في أحوال الربيع العربي. [email protected]