لنا بالأمس :إن الخبر لا يُقرأ في ظاهره ، بل بخلفياته الظاهرة والمستترة ، والأخبار المتواترة من مختلف أنحاء العالم تشي بما وراء الآكام والهضاب، فيما تبدو بسيطة واضحة ومباشرة. هذه البديهيات جديرة بالاستدعاء ونحن في عصر المعلومة المتدفقة، وبورصات الأخبار متعددة الأهداف، وتقلّبات الأحوال في المشهد السياسي العالمي الذي يجمع بين الحقائق الصاعقة والافتراضات التي تربك الخيال في مآلاتها المحتملة. هذه الأيام تنخرط الصحف البريطانية والأوروبية في ماراثون للمتابعة والتحليل وتقديم الافتراضات الممكنة ، وذلك عطفاً على اعتصام مؤسس موقع ويكلكس الإخباري في السفارة الاكوادورية بلندن . والمُعلن في الظاهر، بناءً على مصوغات قانونية مؤكدة أن الرجل مُطالب بالمثول أمام محكمة سويدية بوصفه متهماً بتهمتي الاعتداء والاغتصاب الجنسي ، لكن هذه المحكمة بحسب المراقبين ليست إلا المخول لتسليمه اللاحق للولايات المتحدة، بوصفه معتدياً على أراشيف أمريكية حساسة، ولكونه حصل على المعلومات بطريقة غير قانونية، الأمر الذي يجعله قرصاناً اعتيادياً ، بحسب المقاربة الأمريكية. تجاوز الرجل قواعد اللعبة ، ولم يكتف بالحصول على المعلومات، مُستفيداً من عبقرية الوسائط الرقمية القادرة على تفريغ ملايين الصفحات الرقمية في ومضة من استدعاء تقني معلوم. . لم يكتف الرجل بذلك بل سارع إلى تعميم تلك المعلومات السريّة ليتحول إلى اسم عالمي يُشار إليه بالبنان، وهدف استخباراتي مطلوب.