عندما كنت محرراً في وكالة أنباء عدن في عام 1972 تعلمت أن الخبر لا يُقرأ بذاته ، بل بخلفياته الظاهرة والمستترة ، وكانت الأخبار المتواترة من مختلف أنحاء العالم تشي بما وراء الآكام والهضاب، فيما تبدو بسيطة واضحة ومباشرة . أتذكر هذه البديهيات ونحن في زمن المعلومة المتدفقة وبورصات الأخبار متعددة الأهداف والطرائق ، وغرائبية الأحوال التي تصل إلى حد المخاتلة القاتلة . هذه الأيام تتحدث الصحف البريطانية هنا في لندن عن اعتصام مؤسس ويكلكس في السفارة الاكوادورية بلندن ، وتجتهد بريطانيا ومعها العديد من الدول في محاولة الوصول إلى المطلوب الخطير. والمُعلن في الظاهر أن الرجل مطالب بالمثول أمام محكمة سويدية بوصفه متهماً بالاغتصاب الجنسي ، لكن هذه المحكمة بحسب المراقبين العليمين ليست إلا العتبة المباشرة لتسليمه اللاحق للولايات المتحدة ، وهنا مربط الفرس . تهمة الرجل الكبرى أنه توصل إلى معلومات ما كان ينبغي لها أن تُعرف ، وأنه كشف المستور في زمن أصبحت فيه المعلومة تمثل سلطة حقيقية . ما زال العديد من الدوائر الرسمية العالمية تتعامل مع المعلومات وفق نواميس أيام الحرب الباردة عندما كانت السيطرة على الأراشيف وتفاصيلها مُتاحاً، لكننا اليوم نتحدث عن أراشيف رقمية الكترونية يمكن تفريغها في لحظات، وجمع ما فيها من معلومات واسعة تصل إلى ملايين الصفحات، وفي رابعة من نهار. هذه هي الحقيقة المرعبة التي يعترف بها سدنة الأراشيف العالمية الأكثر حساسية وخطورة ، وتلك هي التهمة الكبرى التي تطال مؤسس ويكلكس ، وما عدا ذلك من تخريجات فليست سوى الوج