إن نعم الله كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، فمن الناس من يشكر تلك النعم ويعمل على الاستفادة منها في الخير والصلاح فيفلح وينجو، ومن الناس من يكفر تلك النعم ويعمل على تحويلها إلى نقم، فيحل عليه غضب الله تعالى والناس أجمعين. والأفراح واحدة من تلك النعم العظيمة التي نترك القارئ يتأمل فيها جيداً: هل هي نعمة حقاً أم نقمة؟ ومن خلاله نستنتج النافع من الضار ونميز الغث من السمين. إن الأفراح والمناسبات كثيرة في مجتمعاتنا، ولا يتسع المقام للإحاطة بها جميعها، ولكن يتبادر إلى أذهاننا السؤال العريض المعنون ب «هل الأفراح نعمة أم نقمة»؟ وتتفرع من ذلك السؤال أسئلة فرعية فرضها الواقع اليمني علينا فرضاً تقول: كيف مرت فرحة عيد الفطر المبارك هذا العام؟ وهل كانت نعمة أم نقمة؟ وكيف تكون فرحة الزواج في مجتمعنا اليمني؟ هل تورّث نعماً أم نقماً؟ وهل تكون فرحة مثالية أم فرحة غير مثالية؟ متسمة بالفضيلة أم بالرذيلة؟. وللإجابة عن تلك التساؤلات تطغي المآسي على الأفراح بقوة؛ فتمر علينا فرحة عيد الفطر المبارك مروراً سريعاً، قلل من تلك الفرحة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في أغلب مناطق اليمن وخاصة في الأرياف، وشبح الأسعار المرتفعة التي أثقلت كاهل المواطن الغلبان، وكثرة الحوادث المرورية التي تتصدر الصحف والمواقع الإلكترونية صفحاتها في إصابة كذا ووفاة كذا من الناس وإتلاف كذا وكذا من الممتلكات الشخصية والعامة، ناهيك عن تعكير أجواء الفرحة العيدية بإطلاق الألعاب النارية والرصاص الحي في معظم محافظات اليمن، وبدلاً من إنفاق تلك الأموال على الفقراء والمساكين تذهب هدراً في أيدي أبناء المجتمع اليمني دون رادع أو ضمير. وإذا تأملنا أكثر في فرحة الزواج فسنجد نقماً أكثر تقطع أوصال تلك الفرحة شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً. ومن المعلوم أن الزواج سنة من سنن المرسلين ومن النعم التي تحصل بها مصالح دينية ودنيوية، فردية كانت أم جماعية، لكن المتأمل في أفراح اليمنيين في الزواج يجد العجب العُجاب؛ حيث تبدأ الحياة الزوجية بأمور منكرة وعادات وتقاليد مدمرة، وأصبحت ليالي الأعراس مشبّعة بالصخب والضجيج، وأضحى العرس معركة ضارية وحرباً ضروساً. هذه الأمور والعادات والتقاليد المدمرة يحسبونها من أساسيات الزواج، وما هي بأساسية، بل سوّلت لهم أنفسهم ذلك فطبعوا عليها، وأصبح الطبع غالب التطبع؛ فتبدأ بالتجهيز والترتيب والهم والحزن وضياع الأوقات والذهاب إلى الصالات والكوافير وشراء الملابس الفاخرة والأثاثات الفارهة، وتعمل على استئجار مكبرات الأصوات قبل أسبوع أو أسبوعين من العرس أو شرائها التي لا تراعي حرمة مريض أو مصاب بل تزعج القاطنين في ذلك الحي، ناهيك عن عدم احترام أوقات الصلوات أو المنام وعدم تهذيب تلك المكبرات، وكل ذلك حججه الفرحة. وفي الجانب الآخر تسمع إطلاق الرصاص الحي والألعاب النارية الغالية الثمن والقوية الصوت التي تزعج الناس والأطفال بلا وازع ديني، ناهيك عن عرقلة حركة السير والمرور في المدن وخاصة أمام صالات الأعراس، وتقسيم الفوضى والعبث بالرصاص والألعاب النارية عند مجيء العريس إلى أخذ عروسته وخروج العروس من بيت أهلها وخاصة في الريف اليمني، وكل ذلك حججه الفرحة،ولا يعلمون بقيمة هدر الأموال في غير محلها. إن الأفراح اليمنية يجب أن تتحول إلى مصدر نعمة وشكر واقتصاد في المال، ويجب أن تعمر بذكر الله تعالى بدلاً من اللهو واللعب والعبث والفخر والتباهي الذي يسبب في قابل الأيام مشاكل أسرية؛ لأنها لم تُبنَ على أساسات صحيحة وخاصة في الزواج، ويكفينا تجرّع النقم في حياتنا، ولنحول تلك النقم إلى نعم. ودامت أفراحكم عامرة بالمسرات.. [email protected]