في ظل التعددية السياسية ينبغي الاعتراف بالآخر وعدم إنكاره من الوجود، وهذا الاعتراف يتطلب التعايش والانسجام وعدم الحقد، وإذا كان هناك من اختلاف في وجهات النظر فإن ذلك لا يجب أن يفسد الود والوئام بين القوى السياسية، ولا يجوز أن يبلغ الاختلاف درجة القطيعة والفجور في القول والفعل؛ لأن ذلك ليس من صفات اليمنيين الذين اتصفوا بالإيمان والحكمة والعقول المستنيرة والسمو فوق الجراحات والصبر على المكاره. إن احتفاء المؤتمر الشعبي العام بذكراه الثلاثين علامة فارقة في تاريخ الحياة السياسية اليمنية؛ لأن المؤتمر الذي قدم الكثير من أجل حقن دماء أبناء الوطن قد ظهر في قاعة 22 مايو الصالة الكبرى بصورة الوطن، حيث شارك في هذه الفعالية أبناء اليمن من كل شبر من أرض اليمن السعيد. إن الاعتراف بالحقيقة الواقعية والموضوعية البداية العملية نحو فعل وطني قادر على لم الشمل وجمع الكلمة ورص الصفوف من أجل تعزيز الوحدة الوطنية والانطلاق صوب المستقبل الأكثر إشراقاً، ولا يفعل ذلك إلا العظماء والنبلاء والشرفاء الذين غلبوا المصالح الوطنية العليا على المصالح الخاصة والضيقة، ولا يسمو إلى هذه المرتبة إلا من كان شديد الإيمان بالله رب العالمين وربط حب الوطن بهذا الإيمان الأزلي الذي لا توثر فيه الأحداث. لقد سررت جداً من اعتراف بعض القوى السياسية التي ساقها الهوى العدواني إلى مواقع الردى، واعتبرت ذلك بداية نحو فعل وطني جماعي يحقق الخير العام، ولكن ما ساءني هو ذلك القول والفعل الذي مازال البعض يمارسه معتمداً على الكذب وتلفيق الأخبار ومحاولة حجب الحقيقة ومنع وصولها إلى الآخرين، ظناً منهم أنه لا يوجد في الكون سواهم كمصدر للمعلومة، ولم يدركوا أن مصادر المعلومة باتت متعددة، وبإمكان اللبيب البحث عنها ومعرفتها بيسر وبساطة. أكرر الدعوة للذين مازالوا يمارسون الكذب بأن حبله قصير، وأن الصدق علو وهمة لا يبلغه إلا العظماء الذين جعلوا الوطن همهم أولاً وأخيراً من أجل الخير للناس كافة بإذن الله.