عطفاً على حديثي بالأمس حول مؤتمر المانحين وترافقاً مع المحاذير العامة التي أوردتها بصورة تتناسب مع زاوية يومية وامضة. أقول: إن أبرز التحديات المترابطة مع منظومة المخصصات المالية الكبيرة تكمن في الداخل ، وأن استمرار الحال في الجهازين الإداري والمالي على ماهو عليه سيضع المعادلة برمتها أمام فشل متوقع ، فدولة بدون خزانة عامة تمثل غرفة المراقبة المركزية للمال العام لا تستطيع السيطرة على المصروفات والإيرادات على مستوى الموازنات الجارية ذات الطابع الجبري ، لكونها مرتبطة باستحقاقات شهرية وفصلية وسهولة لا مفر منها .. وإذا كان الأمر كذلك في إطار الموازنات الجارية والمعروفة بكامل تفاصيلها ، فكيف سيكون الأمر بالنسبة للموازنة الإستثمارية ذات الصلة بالوعود البهيجة والمليارات المثيرة لشهية الذين تآلفوا مع النهب والاستباحة الدائمة للمال العام . لا أريد بهذه الخلاصات القاتمة تعميم رؤية كئيبة استنسابية ، لعلمي بأن بالإمكان أحسن مما كان ، لكنني أتمنى كغيري من المواطنين العليمين بمحنة الآليات المالية والإدارية السابقة والمستمرة .. أتمنى إعادة الذاكرة إلى جملة المقترحات الحكيمة التي تم بسطها على مدى سنوات النصائح والمكاشفات العالمة لما يجري فيٍ الإقتصاد الوطني من عبث يصل إلى حد السفه ، متمنياً أن تكون مناسبة المنح المليارية الجديدة سبباً لتصحيح المسار المالي و الإداري في الدولة، ابتداءً من اعتماد نظام الخزانة العامة ، ومروراً بدور مركزي لمصرف اليمن الحكومي الذي تم استباحة دوره وتوريطه في وظائف اعتيادية لا علاقة لها بالدور المركزي للمصرف ، وصولاً إلى المكاشفة الصريحة حول أوجه الصرف الماثلة في الموازنات الجارية والتي تكشف خللاً هيكلياً عميقاً لا ينكره إلا المصابون بداء المصالح الفردية الضيقة ، وللحديث صلة. [email protected]