أتمنى أن لا تكون الاحتفالات بأعياد الثورة اليمنية في هذا العام نمطية في إعادة إنتاج أشكال وقوالب فنية لا علاقة لها بالواقع لا من قريب أو بعيد، بل إن الجميع يتمنى أن تكون الاحتفالية بحجم المتغير الذي حدث على الساحة الوطنية، سواء من حيث الانتقال السلمي السلس للسلطة أو من حيث توافر الإرادة في الشراكة المجتمعية للانتقال بالوطن إلى أفق جديد، يأخذ بعين الاعتبار مجمل تلك المتغيرات من أجل صياغة رؤى جديدة للنظام والدولة وقد تخلصا من الأنماط التقليدية في إدارة الدولة وفي علاقة المركز بالمجتمعات المحلية وفي ضرورة الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة فضلاً عن إيجاد برنامج شامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبشراكة إقليمية ودولية والعمل على إيجاد آليات فاعلة لاجتثاث منابع الفساد وتحويل طاقة المجتمع المهدرة إلى قوة إنتاجية تحقق الحد الأدنى من الحياة الحرة الكريمة المستقرة والآمنة ، وهو – بالطبع- لن يتأتى إلا بتوفر مناخات الاستقرار القائم_ بالنتيجة_ على التسوية السياسية التي يعول عليها اليمنيون الشيء الكثير لإخراجهم من حالة الترقب الراهنة وخصوصاً مع الأداء المتميز لمنظومة سلطة الفترة الانتقالية وتحديداً اللجنة الفنية المعنية بالترتيب للحوار الوطني الشامل الذي من المتوقع أن يثري الحياة السياسية الراهنة بالمزيد من التفاؤل بدخول اليمن إلى المعترك الحضاري والنأي به عن احتمالات الانزلاق إلى أتون الاحتراب وتعريض استقراره ووحدته وسلامته للخطر. ومن نافلة القول إن الناس سئموا تلك المهرجانات الاحتفائية المفرغة من مضامينها الحقيقية في استلهام روح الثورة اليمنية التي تفجرت منذ خمسة عقود، باعتبارها ثورة تستهدف تغيير المجتمع تغييراً جذرياً وتحسين أوضاعه المعيشية وتحقيق مبادئ المساواة والتكافل وشيوع سيادة القانون والعدل بين الناس دون مفاضلة أو اجتزاء أو محسوبية. وحسناً أن أشارت كلمة الأخ المشير الركن عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية في تصديره أحد أعداد صحيفة( الجمهورية) منذ أيام وهو يؤكد على جملة من الاعتبارات التي يجب أن تأتي في سياقها مثل هذه الاحتفالات الوطنية هذا العام بالنظر إلى تلك المتغيرات التي شهدتها الساحة المحلية منذ العام المنصرم , وهي بالتأكيد تركز على الأولويات التي من المفترض أن يتسابق إليها جميع الأفرقاء لتنفيذها وبما يعزز حالة الأمن والاستقرار والتنمية على قاعدة الشراكة الوطنية المسئولة التي يمكنها أن تسهم في تغيير العديد من المفاهيم النمطية التي تشبعت بها حياة اليمنيين وأصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهلهم تشدهم إلى سلبيات الماضي أكثر مما تجذبهم إلى أفق المستقبل .. وبالعمل الجاد المثابر للخلاص من أسر تلك التحديات التي تجعل منه بؤرة للتخلف وشيوع مظاهر الفساد فضلاً عن ظواهر الإرهاب والجريمة . إن استشعار مسؤوليات الحاضر واستحقاقات المستقبل التي وردت في مضامين كلمة الأخ رئيس الجمهورية تنم عن رؤية ثاقبة وتفكير واقعي جديد بعظم اللحظة الراهنة التي يعيشها الوطن وبإمكانية أن يخرج من أسر القوالب المتحجرة التي أعاقت انطلاقته لردح من الزمن وابتداع ديناميكية جديدة للتفاعل .. وهو ما يتطلب ضرورة تأمين الجبهة الداخلية وتحصينها من أية اختراقات للحيلولة دون استفحالها والعمل بروح متطلعة للم شمل الأسرة اليمنية والتفافها حول مشروع وطني تشارك فيه كافة القوى دون تحفظ أو استثناء وبالتأكيد فهو ليس بالمستحيل إذا ما توافرت الإرادة وتعاضدت معها عوامل الخارج لدعم مسيرة هذه المرحلة من خلال استكمال تمويل برامج التنمية الشاملة التي لا مناص منها .. وعندها فقط يمكن أن نؤكد على عودة الروح لثورة الإنسان اليمني ماضياً وحاضراً وإن تطلب ذلك مستقبلاً أيضاً.