كم أتمنى.. وأنا بعد غدٍ متوجهة لغرفة العمليات لأضع طفلتي الأولى, أن هذه المواقف أتت وقد تغير شيء ما كنت أطمح لتغييره, لست أنا وحدي, بل كل الناس من حولي, ومن أهم هذه الأشياء هو (حال البلاد), الذي لايهمنا بقدر مايهمنا متى ستكون الإجازة, لننام ولانطبخ ولايلتقي أحد بأصحاب الباصات ومدراء العمل, لكن ماذا يعني هذا العيد, وماحققه الوطن خلال مامر من الزمن حتى هذه المناسبة فلا يهم. فليمر اليوبيل الذهبي.. والفضي.. والنحاسي وو..... الدليل على أن المواطن يجهل كل شيء عن وطنه, أو بالأحرى لايهمه, هو أنك في أي عيد من الأعياد الوطنية, وخاصة عيد الثورة إذا قلت لأحد: (كل عام وأنت بخير) اندهش وسألك فوراً: - ليش المعايدة, أو قد عيدت لك وحدك..؟!! حتى تصمت وأنت تعجب, كم نحب هذا الوطن, ونحترم مناسباته, التي هي في الأصل مناسباتنا نحن, ومن سبقونا هم من صنعوها, ولسنا نحن, صنعوها بدمائهم ودموعهم وشبابهم, ونحن ننظر الآن لمن صنعوه كأنه مجرد إجازة وحسب. والمؤسف في الأمر أنك عندما تعد السنين التي مرت وتتلفت حولك, ترى انفصاماً غريباً بين الوضعين, فخمسون عاماً مرت ونحن نعود إلى وراء الوراء, شيء يصيب المرء بالدهشة والمرارة, لاشوارع.. لاتربية.. لاصحة.. ولا حتى أمانة, ومازالت الثورة الأخيرة لم تمر عليها سنة بعد, ولم تأتِ كثورة الخمسين عاماً, بل أتت لتقصي مسؤولاً أو إدارياً فاسداً, وتأتي بأخيه الفاسد الذي لم يمارس الفساد بعد, بل مازال يخطط كيف له أن يمارسه باحتراف وفن. هذا يعني أننا بحاجة ل50 عاماً أخرى لنصل إلى ما نسميه بالتطور والرقي، كبعض وليس ككل بقاع العالم التي حققوا فيها بمرور عشرات الأعوام مالم ولن نحققه في مليون عام قادم, مهما اشتعلت من شعلات, ومهما أقيمت من احتفالات, فلا جدوى.. لا جدوى.. ويبدو أننا سنبقى على هذا النهج حتى قيام الساعة, ودمنا محتفلين..