في موقف التجديد: كوابح الإبداع والتجديد الحضاري في عالمنا العربي والإسلامي أوقفني في موقف الإبداع والتجديد وقال لي: ارفع يديك إلى السماء، وقل: اللهم أني أعوذ بك من: متدين جامد ووضعي جاحد ونفعي فاسد ووسطي خامد. سألته عن سر تخصيص هؤلاء؟ فأكد لي أن هؤلاء الأربعة، كوابح الإبداع والتجديد الحضاري في عالمنا العربي والإسلامي؛ المتدين الجامد: يخلط بين قداسة الدين وبشرية التدين، ويتجاهل أن التدين ممارسة بشرية معرضة للصواب والخطأ، وأن التدين في مراحل معينة يكون تفاعلاً مع تحديات ذلك الواقع. والوضعي الجاحد: يُغَلب الجانب المادي، وينتقد الدين من منطلقات مادية ساذجة تربط بين العلمانية والإلحاد وتتخذ من أخطاء التدين مبرراً للطعن في الدين. والبرجماتي النفعي الفاسد: يقلل من أهمية الظاهرة الدينية ومتطلبات تجديدها، ويعتقد أن دراستها ليس لها أي مردود عملي، وأن الدين لا يدخل في اهتمامات الإنسان المعاصر، وهو يشكو في نفس الوقت من تأثيرات الفكر الديني، ويتجاهل أن الحضارة الأوروبية قامت على استنهاض طاقات التدين في عصر الإصلاح الديني، وهذا الشخص أحياناً يخاف الإحياء الديني لما يسببه له من تأنيب يقلق ضميره الغارق في ظلمات المصالح الفاسدة والنفعية الأنانية الضيقة. والوسطي الخامد: سبق أن أشرنا إلى خطورته في موقف الوسطية والرشد، ويكفي هنا أن نقول: إنه لا يأخذ الكتاب بقوة العزيمة الراشدة. ولا يجعل من الوسطية قضية يستميت من أجلها، ويستعد للتضحية في سبيلها بالمال والجهد والنفس إن لزم الأمر. وأكد لي أن التجديد الديني والحضاري لا يواجه ذهنية التشدد والجمود فحسب بل يواجه هذه الألوان الأربعة من التحديات في وقت واحد، والوسطي الخامد يشغل حيزاً من الفراغ في صفوف المعركة، ولكنه يهاب الإقدام والمقارعة، لا كتكتيك مرحلي، بل إخلاد إلى الراحة والسكون المميت.