تشكل ظاهرة العولمة ومضامينها تهديداً كبيراً للمجتمعات في الدول النامية .. لأن لها كبير الأثر على مقومات الولاء الوطني لدى أبناء تلك المجتمعات وبالأخص المجتمعات العربية والإسلامية .. حيث تواجه تحديات كبيرة أخطرها هذه الظاهرة التي انتشرت في ظل المتغيرات والتطورات في مختلف المجالات وعمت دول العالم المختلفة .. وفي ظل تلك الأوضاع التي تسعى فيها العديد من المؤسسات الكبرى في الدول الأكثر تقدماً نحو عولمة التربية والتعليم لأسباب عديدة تخدم مصالحها وتضر بالدول النامية كافة .. أصبح من الضروري إعادة النظر في وضع مناهج التربية والتعليم والعمل على تحقيق تعليم حقيقي يواكب التطورات المتسارعة في مجالات العلم والمعرفة .. والاهتمام بتعميق وتعزيز مبدأ الولاء الوطني لدى الأجيال من خلال إبراز هذه الرؤية ضمن المناهج التعليمية .. حيث لابد أن تبادر الجهات المعنية بتطوير تلك المناهج مع مراعاة التأكيد على أهمية الولاء والانتماء والإخلاص للوطن وهي المبادئ التي يجب تنميتها في عقول وقلوب أبنائنا بطريقة منطقية وموضوعية .. وكذا التأكيد على وعيهم بأهمية مفاهيم وقيم الدين الإسلامي التي تحث على حب الوطن والحفاظ على الهوية الوطنية .. والعمل باستمرار على تنمية مهاراتهم وقدراتهم وتنشئتهم على تحمل المسؤولية تجاه الوطن والمجتمع والأمة .. واحترام القانون والالتزام به ، واحترام الفرد لذاته ولكل من يحيط به ، وقبول الآخر من خلال إعمال العقل والحكمة .. إضافة إلى ضرورة نهج ثقافة الحوار والتسامح والاعتدال والوسطية .. ومحاربة جميع أشكال العنف والإرهاب ونبذ التطرف والتعصب والغلو والعنصرية والمناطقية .. واستناداً إلى هذه الأسس يمكن بناء الإنسان الذي يمتلك القدرة على مواكبة تحديات العصر وعلى بناء الوطن وتطوير المجتمع في مختلف المجالات الحياتية .. والسعي بخطى ثابتة لبناء المستقبل المزدهر الذي ننشده جميعاً ليمن الحكمة والإيمان .. ونعتقد أن تحقيق هذا الهدف المهم سيؤخذ بعين الاعتبار لما يمثله من أهمية بالغة ، وسيحظى بالاهتمام المتوقع من قبل الجهات المعنية وذوي الشأن .. وبداية لابد أن ترفد وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية المختلفة بكوادر متخصصة من ذوي المؤهلات والكفاءات .. الذين يتمتعون بقدرات علمية عالية في سبيل تحديث وتطوير الأداء في تلك المؤسسات .. والاستعانة بالعلماء المتخصصين الأكاديميين للقيام بتأليف المناهج الدراسية التي تحقق كل المزايا التي أشرنا إليها وفي مقدمتها تعزيز الولاء والانتماء للوطن ، بحيث يتم تنشئة الأبناء على تلك المبادئ الوطنية وعلى إدراك أهمية تلك المفاهيم والقيم السامية .. وهنا لابد أن تعلم الجهات المعنية بأن التحديث ومواكبة التطور المستمر في مجال التربية والتعليم أمر لا مفر من الأخذ به ، والتخلف عن مواكبته يعزلنا عن العالم وعما يجري حولنا من حراك وتطور في المجالات العلمية والتكنولوجية .. وذلك دون شك يعد تقصيراً في أداء الأمانة وفي تحمل المسؤولية .. فهل سيحظى هذا الأمر بالاهتمام والتفاعل الإيجابي من قبل الجهات ذات العلاقة خدمة للأجيال من أبناء يمن الحضارة ..؟ ربما فالأمل معقود على المخلصين من رواد التربية والتعليم في اليمن الحريصين على ترسيخ مبدأ الولاء والانتماء لدى النشء ، وعلى مواكبة اليمن لكل تطور في مجالات التربية والتعليم بصورة مستمرة .. ونتصور أن أمر ترسيخ مبدأ الولاء الوطني لابد أن يشغل بال كل مربي وكل معلم ، إضافة إلى أن ذلك مسئولية وطنية وإنسانية .. وتلك هي القضية . [email protected]