الانشقاق فيما يشبه الانهيار الذي حدث داخل المجلس الأعلى للحراك الجنوبي يعد حدثاً خطيراً لا يستهان بمضاعفاته وإفرازاته التدميرية التي لن تطال فقط الحراك ولن تقتصر في تأثيراتها السلبية على المحافظات الجنوبية فقط، ولكنها ستمتد في ظني لتصيب الوضع السياسي اليمني برمته. هذا الإصرار العجيب من قبل حسن باعوم على عقد المؤتمر الجنوبي الأول للمجلس، في ظل عدم اتفاق ووفاق بين الأطراف والقيادات السياسية المعنية، رغم إدراكه اليقيني بما ستقود إليه هذه الخطوة (المغامرة) من انشقاقات وصراعات عنيفة قد تنسف الرصيد النضالي والمكاسب السياسية والمعنوية التي حققها المجلس الأعلى للحراك الجنوبي كأهم مكون ربما يحظى بأعلى سقف من شرعية النضال والتمثيل للقضية الجنوبية..! أقول: إصرار باعوم على هذه الخطوة يبدو عجيباً وباعثاً لأكثر من علامة سؤال واستفهام..! مَن وراء إصرار باعوم على تمزيق الحراك..؟! مَن أكل عقل هذا الرجل الذي عرفناه مناضلاً مبدئياً صلباً لا يبيع ولا يشتري..؟! هل الأجندة الخارجية الإقليمية فعلت فعلها الخبيث في هذه المسألة..؟! وهل فعلاً الصراع الإيراني- الخليجي انعكس على الحراك الجنوبي من خلال علي سالم البيض وحسن باعوم، كلٍّ بمحركاته الدينية والطائفية والمذهبية..؟! لسوء الحظ بعض القوى القبلية والدينية والعسكرية تحاول أن تستثمر هذا الخلاف وأن تعبث فيه بكل وسائلها وأدواتها المادية والإعلامية المدمرة - بوعي أو بدون وعي منها - غير مدركة بأن أية انشقاقات داخل صفوف القوى الوطنية سواء كان الحراك الجنوبي أو غيره، ستنعكس بآثارها الخطيرة على الوحدة الوطنية وعلى الاستقرار السياسي في عموم الوطن..! المسؤولية الوطنية تحتم على البيض وباعوم مراجعة الذات وإيقاف الانهيارات الدراماتيكية في صفوف الحراك.. كما أن على القوى المتنفذة في صنعاء أن تستوعب مخاطر سياسة التفكيك والتمزيق لمكونات الحراك الجنوبي. وعلى القوى الخارجية الإقليمية أن تفهم أن تعميق الصراعات والصدامات والانشقاقات داخل الجبهة الوطنية لليمن ستكون لها مخاطر كبيرة على استقرار المنطقة لن ينجو منها أحد..! الحفاظ على تماسك ووحدة الحراك الجنوبي هو بالمعنى القريب والبعيد حفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره.