لا شك أن قرار مجلس الوازاء باعتماد مدينة تعز عاصمة ثقافية لليمن كان قراراً موفقاً بكل ما تعنيه الكلمة ويعد تكريماً لهذه المدينة التي كانت ومازالت تمثل مركز إشعاع علمي وثقافي، وتكريماً لمكانتها التاريخية كعاصمة للدولة الرسولية التي توحدت اليمن في ظل حكمها من ظفار شرقاً حتى مكةالمكرمة شمالاً كما أن القرار يعد تقديراً للدور الريادي لأبناء محافظة تعز في نشر العلم والثقافة ودورهم في وضع اللبنات الأولى للرأسمال الوطني والصناعة الحديثة، وكذا لدورهم النضالي ضد الجهل والظلم والجبروت والاستبداد والطغيان الإمامي في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب، فقد انطلق منها قادة التنوير والنضال أمثال الأستاذ عبدالله علي الحكيمي والأستاذ أحمد محمد نعمان والأستاذ عبدالله عبدالوهاب نعمان «الفضول» وعبدالفتاح إسماعيل مؤسس الحزب الاشتراكي اليمني وعبدالعزيز عبدالغني ومحمد قائد سيف وعبدالعزيز عبدالولي وعبدالرقيب عبدالوهاب ومحمد صالح فرحان وعبدالغني مطهر وعلي محمد سعيد أنعم وغيرهم كثر لايتسع المجال لذكرهم. تعز تستحق عن جدارة أن تكون العاصمة الثقافية لليمن، ولذلك فقد كان من المهم إصدار قرار من مجلس الوزراء باعتمادها عاصمة ثقافية لكن الأهم أن يتم ترجمة القرار في الواقع العملي إذ لابد أن تقوم الحكومة ممثلة بوزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار والمتاحف والهيئة العامة للكتاب بالتعاون مع السلطة المحلية بالمحافظة بإعداد خطة ثقافية تشمل إنشاء مكتبة عامة في مدينة تعز وفروع لها في مدن «التربة والمخا والراهدة والنشمة» فلا يعقل أن تكون تعز عاصمة ثقافية لليمن وليس فيها مكتبة عامة.. وكذلك لابد من إنشاء مسرح مفتوح وتفعيل نشاط المركز الثقافي وترميم وتأهيل المتحف الوطني ومتحف صالة ومبنى الباب الكبير والاستفادة منه كمركز للتراث الثقافي أسوة بمبنى باب موسى الذي تم ترميمه وتحويله إلى مركز للتراث، بالاضافة إلى بقية المواقع الأثرية والتاريخية «مساجد المظفر والأشرفية والمعتبية ومعاذ بن جبل» واستكمال ترميم قلعة القاهرة وفتحها أمام الزوار وكذلك تفعيل نشاط فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وإيجاد مبنى مناسب له وإعادة إصدار مجلة المعرفة التي كان يصدرها فرع الاتحاد وتوقفت منذ عدة سنوات.. والعمل على إقامة المهرجانات الثقافية السنوية وهذا يتطلب من الحكومة اعتماد ميزانية خاصة استثنائية لتعز العاصمة الثقافية وبدون ذلك يظل القرار الذي اتخذته الحكومة مجرد حبر على ورق أو مجرد اسم بلا فعل.. ويجب على كل أبناء تعز وفي مقدمتهم المثقفون والمفكرون والأدباء والصحفيون وقادة الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني التفاعل الكامل مع قرار الحكومة باعتماد «تعز الحالمة» عاصمة ثقافية لليمن فلابد أن يسهم الجميع بفعالية لترجمة هذا القرار على أرض الواقع وإظهار مدينة تعز بالمظهر اللائق والمشرف الذي يليق بها كعاصمة ثقافية، إذ من المهم جداً أن تختفي وبصورة نهائية مظاهر حمل السلاح والفوضى «الخلاقة» والعشوائية والممارسات والسولكيات غير السوية لتغدو تعز مدينة نظيفة وحضارية وعصرية. شعر تعز مجدٌ زاخرٌ متدفق نهر الحياة بأرضها موار تعز فكرٌ نيّرٌ متفوقُ تبني الشعوب العلم والأفكار تعز وعيٌ مدرك متعمق وهج الثقافة ساطع نوّار تعز حسن دائم متألق كل الفصول بسوحها آذار تعز في الوطن الحبيب قصيدة عصماء تقصر دونها الأشعار تهفو القلوب إلى تعز مثلما تهفو إلى أشجارها الأطيار نسمات «أيلول» على جنباتها عطر.. وأيلول بها معطار من قصيدة للشاعر الراحل - محمد عقيل الإرياني