العناية بالدستور عناية بالإرادة الكلية للشعب؛ لأنه القاعدة التي تحدد الحقوق والواجبات بين الحاكم والمحكوم وهو الذي يحمي المواطن ويصون الكرامة ويعزز الوحدة الوطنية ويجسد المساواة ويمنع العدوان، ومادام الدستور هو السيادة الوطنية العليا فإن العناية به أمر بالغ الأهمية شديد الحساسية ، ولذلك لن نكل ولن نمل من الحديث عن الدستور ومالذي ينبغي أن يكون، بل أستطيع القول إن المرحلة الراهنة من أعظم المراحل التي ينبغي أن يكون الحديث فيها عن الدستور بلا حدود، لأنها مرحلة البناء الدستوري وهذه المر حلة يجب أن تحظى باهتمام الكافة دون استثناء. لم يدرك البعض حتى اللحظة الأهمية الاستراتيجية للدستور ولأنه غير مدرك للمعاني والدلالات المستقبلية فإن الحديث عن ذلك البعض لايأخذ بعده ومداه الوطني الشامل والبعض الآخر من القوى السياسية المعروفة بتمردها الدائم على الإرادة الكلية للشعب لاترغب مطلقاً في الاستفاضة في الحديث عن الدستور لأنها ترى بأنها أعظم من الدستور وفوق الجميع ، وأن المستقبل يكمن في قوتها هي وسيطرتها على مكونات المجتمع المدني ولذلك تصر على التجهيل والتقليل من شأن الدستور، وهناك أطراف أخرى ذات اتجاهات انتهازية ترغب في إجراء التفصيل الذي يخدم مصالحها هي دون النظرة الاستراتيجية للدستور. إن الوعي الوطني الدستوري بات اليوم حجر الزاوية في الحياة السياسية وقد برهنت الأحداث المختلفة البعد الاستراتيجي للدستور والقانون. وكان من ذلك إصرار السواد الأعظم من الشعب على حماية الشرعية الدستورية والرفض المطلق لتجاوز الدستور والقانون، وكان لهذا الفعل الوطني والديني والإنساني أثره الإيماني في حقن دماء اليمنيين وأعطى مؤشراً لدى العالم على مستوى الحس الحضاري والانساني الذي يتمتع به اليمنيون وشكل نموذجاً يحتذى به في الوطن العربي والعالم، وخلق وعياً بأهمية الدستور والقانون وبات الكل اليوم يدرك أن الدستور والقانون الإرادة الكلية للشعب. لم يعد غريباً اليوم إصرار الشعوب والأفراد والمؤسسات على التمسك بالدستور والقانون ورفض المحاولات الانقلابية عليهما، وقد أُعطي هذا الإصرار الحضاري بعداً جديداً في الحياة السياسية جعل كلاً من الحاكم والمحكوم يعيد الاعتبار لقداسة هذا العقد الجمعي الذي ارتضاه الناس كافة، وأن الخروج عنه مرفوض ولا أحد يمتلك شرعية الخروج على الدستور والقانون مهما كان، ولذلك نجدد الدعوة لكل القوى السياسية بأن تعتني بالدستور وتنشر الوعي المعرفي بذلك من أجل حماية الوطن وأمنه واستقراره ووحدته وفرض سيادته بإذن الله.