في مثل هذا اليوم قبل خمسة عقود؛ صدر أول عدد من صحيفة «الجمهورية» في تأكيد بالغ الدلالة على التحوّل العميق الذي يعيشه الوطن اليمني مع انبلاج ثورة 26 سبتمبر 1962م التي لفظت الحكم الإمامي البغيض الذي أذاق الشعب اليمني – على مدى قرون – ويلات الظلم والقهر والاستبداد، وأسدل على الوطن ستاراً من العزلة والانغلاق. وليس بغرابة أن تحمل هذه المطبوعة مع بزوغ فجر الثورة اسم «الجمهورية» للتعبير عن القيم والمعاني العميقة للنظام الجديد وهو يجسّد تطلُّعات الشعب في التحرُّر من ربقة عهود الانغلاق ويتمثّل التضحيات التي اجترحها المناضلون اليمنيون في سفر الثورة على كل حالات الرتابة وأسوار العزلة وجبروت الطغاة من أجل تحرير إرادة الإنسان من القيود التي تكبّله بالتخلُّف الشامل الذي ألقى بظلاله الكئيبة على حياة اليمنيين وكاد أن يعصف بوجودهم وكينونتهم. وإذا كانت تسمية «الجمهورية» الصحيفة تكتسب تلك الدلالات والمعاني، فإنها قد مثّلت أيضاً وفي تلك اللحظة التاريخية الفارقة من حياة الشعب اليمني قوة إضافية منافحة عن القيم الحضارية التي اختزلتها الثورة، والتعاطي مع حملات التشكيك والتخوين والتكفير بمسؤولية واقتدار، وبكفاءة إبداعية تجاوزت إمكانيات تلك المرحلة، وقدّمت خطاباً إعلامياً متميّزاً لا يتوقف - فقط – عند مجرد المنافحة عن قيم الثورة ومبادئها العظيمة؛ ولكن أيضاً في أن تكون هذه الصحيفة الصوت الذي بات واقعاً معاشاً بعد أن طال انتظاره، فضلاً عن أن «الجمهورية» كانت واحداً من منابر التوعية والتعبئة بحساسية تلك المرحلة وظروفها الحرجة وحاشداً للرأي العام؛ وذلك للرد على أباطيل المرجفين والفلول المضادة للثورة الذين حشدوا كل ما لديهم من أموال وإمكانات في محاولة لإجهاض الثورة وعرقلة مسيرة اليمنيين نحو التقدُّم والازدهار. وخلال الفترات التي أعقبت ترسيخ الثورة ظلّت «الجمهورية» الصحيفة جسراً للتواصل ومدرسة لتعميق قيم المعاصرة وترمومتراً حقيقياً لقياس نبض المتغيّر في الداخل اليمني وزاداً معرفياً؛ تسهم – في إطار دورها وبمختلف المراحل - في التعريف بالمعترك السياسي والثقافي والاجتماعي، حيث يلمس المتابع الحصيف هذا الجهد والمتمثّل فيما تقوم به مؤسسة «الجمهورية» للصحافة من دور بنّاء وخلاق لتعميق قيم التواصل واستحضار مكامن الإبداع وتجسيد تطلُّعات المواطنين، وتأصيل خطاب مواكب لمتغيرات الواقع بكل اعتمالاته واحتمالاته، وهو أمر تشرّبته هذه المدرسة الصحافية من الرواد في العمل الإعلامي، ولاتزال متمسّكة بهذه المبادئ التي تقوم – في أحد أسسها – على احترام الرأي والرأي الآخر، وحق المعرفة، وانسيابية المعلومات، فضلاً عن التجديد ومواكبة كل تطوّر، خاصة وقد تزامن كل هذا مع انطلاقة جديدة تمثّلت في الانحياز الكامل إلى حركة التغيير التي يقودها الشباب، إلى ما هنالك من التزام بالتواصل واستقطاب الأقلام الإبداعية من مختلف المشارب، بالإضافة إلى التحديث المؤسسي الطباعي وفي مختلف دورات العمل الصحفي. إننا نشير إلى كل ذلك ونحن ندلف عقداً جديداً من عمر هذه الصحيفة المديد، مؤكدين أننا سنكون في الخنادق الأمامية لمعترك النهوض الحضاري الذي يقوده شعبنا العظيم بقيادة الأخ عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين وآفاق رحبة نحو بناء يمن جديد تتعزّز فيه خيارات الانتماء الوطني، والتمسُّك بثوابت الثورة والوحدة والديمقراطية وعلى النحو الذي يعيد إلى اليمن السعيد أمجاده الحضارية، مجدّدين تأكيد الأسرة الصحفية والعاملين في هذه المؤسسة على استمرارية التفاني لخدمة القارئ خاصة والوطن عامة. وكل عام وأنتم بخير..