مثلت الثورة اليمنية المجيدة 26 سبتمبر في شمال الوطن حقيقة هامة بمعانيها ودلالاتها في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر تكمن عظمتها واشراقاتها في عطاءاتها ومكتسباتها وانجازاتها التي شهدتها اليمن عبر مسيرتها التنموية والناجحة والشاملة لمختلف مجالات الحياة اذ ساعدت الثورة اليمنية 26 سبتمبر بمفاهيمها ومضامينها واهدافها على الانتقال باليمن -ارضاً وانساناً- من عهد كهنوتي بائد ومستبد متخلف غلب عليه طابع الفوضى والانحطاط والعزلة والظلم والقمع الى عهدٌ اكثر تطويراً وتحديثاً اتسقت فيه الافاق وتعاظمت الاماني والاحلام وتآلفت فيه القلوب واقتربت الرؤى، عهدٌ غدت فيه تطلعات الشعب محدودة تفاعلت فيها مختلف شرائح الشعب اليمني بصرخاتها التحررية ودعواتها التنويرية في تحقيق الانتصارات ورسم الافراح وتثبيت مسيرة التنمية التي مازالت تتواصل حتى اليوم بالاضافة الى ذلك ساهمت - اي الثورة - بحركاتها التحررية الشعبية المناهضة للنظام الكهنوتي الامامي البائد في اعادة اللحمة الشعبية والترابط القيمي والاخلاقي والوجه التاريخي الاصيل والحضارة العريقة والمكانة الطبيعية المرموقة للوطن اليمني عموماً وامته خصوصاً ويؤكد ذلك القضاء على الاستعمار الاجنبي وتحقيق الوحدة اليمنية والجمهورية وتثبيت دعائم الديمقراطية والنهضة التنموية الشاملة التي اعادت بمجملها لليمن صورتها الطبيعية ووضعها الحقيقي ومكانتها الهامة بين سائر الاوطان. نعم لقد كانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م مطلباً شعبياً وضرورة حتمية فرضتها ظروف العصر الامامي البائد ومعطيات المرحلة السائدة آنذاك وهي استجابة لمتغيرات وتحولات مطلوبة ظل الشعب اليمني يتوق اليها فترة من الزمن ولأن شعبنا اليمني مشهود له بالعزة والشهامة ويرفض الذل والهوان أو الاستعباد ونفسيته دائماً تتوق للآفاق، انتفض ثائراً كالبركان مشمراً سواعده ومعلناً تمرده ومعصيته لنظام الحكم الامامي المستبد فصرخ عالياً رافعاً راية النصر مطالباً بالحرية الأبدية والحياة الكريمة العادلة والمتساوية والمواطنة الحقة، منادياً بتحرير الشعب وتخليص الوطن من سلاطين الظلم والاستبداد ودعاة التخلف والجهل والطغيان وبما ان الثورة لاستمراريتها يجب ان تتضافر فيها جميع الجهود وتتعاون بها جميع الاطراف المدنية والعسكرية شهدت ثورة 26 سبتمبر حالة استثنائية عن غيرها من الثورات التي تقام في العالم اذا كانت الارادة الشعبية والاصطفاف الشعبي اليمني القوة الحقيقية والركيزة الرئيسية في انطلاقها وديمومتها اذ كان الاصرار و العزيمة في تغيير الاوضاع دافعاً مهما لدى ابناء الشعب اليمني وكانت الرغبة في الاصلاح والتغيير والتحرر من الاستبداد والظلم ونيل الحقوق الشرعية عوامل مهمة ايضاً في تفجيرها وبخطوات متسارعة وبطرق مدروسة خاض الشعب بمختلف شرائحه معارك طاحنة في السهول والجبال الى جانب ابناء القوات المسلحة الامن مع أتباع الحكم الامامي البائد وقدم خلالها تضحيات جسيمة في الارواح والمعدات الا ان الدم والارواح كانت رخيصة في سبيل تحقيق النصر وإزالة آثار النظام الامامي البائد وتطهير البلاد والعباد من مخلفاته الرجعية الظالمة وفعلاً أصر الشعب على المضي قدماً لنيل مطالبه وبلوغ اهدافه غير ابه بحجم الخسائر او نوعها او شراسة المواجهات مدركاً بأن المستقبل مرهون بأيديهم وان القضاء على النظام الإمامي ومخلفاته يعني ميلاد فجر جديد وحياة حرة وآمنة وان التغيير هو السبيل الأفضل لايجاد التطور والتقدم والانطلاق نحو فضاءات رحبة واسعة وان النصر مؤكد لا محالة وهكذا لقن الشعب وقواته المسلحة النظام الإمامي دورساً قاسية مقدماً لنيل حريته وتطلعاته الآف القوافل من الشهداء والمناضلين حتى كتب الله له النصر واعلن ميلاد فجره الجديد في يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م وهكذا سيلقن كل من تسول له نفسه المساس بأرضه وعرضه أو مكتسباته ومنجزاته دوماً وابداً.