أستطيع القول كمراقب إن الدبلوماسية اليمنية استطاعت أن تستأنف ديناميكيتها بعد تماثل الوطن للشفاء من الوعكة التي ألمت به جراء تداعيات الأزمة السياسية التي عصفت به منذ عامين. والدبلوماسية التي أعنيها هنا لا تقتصر فقط على أنشطة وفعاليات قياده وزاره الخارجية ، وإنما في أداء منظومة الحكم ومؤسسات الدولة المختلفة التي قامت بأدوار متكاملة ومتميزة خلال الفترة المنصرمة ، لعل في طليعة ذلك الجهود الرئاسية الحثيثة التي بذلها الأخ عبدربة منصور هادي ، رئيس الجمهورية ، سواء في نجاحه بإعادة ترتيب البيت اليمني من الداخل أو في قدرته على توطيد جسور التعاون مع الخارج ،وذلك من خلال تأمين الظروف الملائمة لتنفيذ مضامين المبادرة الخليجية كواحدة من السياقات المطلوبة لإعادة عجلات قطار التسوية والتنمية في هذا البلد إلى قضبانه، ومن ثم الانطلاق نحو الغايات التي تتطلع إليها أفئدة ملايين اليمنيين . لقد تجلت تلك المجهودات - بوضوح - في حشد الدعم الدولي لمسارات التسوية والتنمية في اليمن من خلال المؤتمرات المتعاقبة وكان آخرها في المحيط الهادي عندما استضافت مدينة نيويورك مؤتمر أصدقاء اليمن أواخر سبتمبر الماضي . والحق يقال إن حكومة الوفاق الوطني التي تنتصب أمامها جملة من التحديات والصعوبات قد نجحت حتى الآن في جوانب الإسهام لتلك الفعاليات والمؤتمرات الداعمة ،لكنها في مسيس الحاجة الآن إلى مضاعفة الجهود للاستفادة من تلك التمويلات والمساعدات وفي الوجهة التي تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة. أقول قبل هذا وذاك إن جسامة المسئولية التي تتحملها القيادة السياسية وحكومة الوفاق ومعهما باقي النخب تتطلب ضرورة استكمال وتهيئة الظروف لانعقاد مؤتمر الحوار في الموعد المحدد ،حيث سيكون من ثمار تلك الجهود بمثابة عودة الروح لكيان الأمة والخلاص وبالتالي الخلاص من أسر تداعيات الأزمة التي ألقت ولا تزال بظلالها الكئيبة على مختلف مناحي الحياة اليمنية ، بل وتسهم في إبقاء الأرضية رخوة لامتصاص إفرازات بعض القوى الخارجية وأحلام أصحاب المشاريع الصغيرة والهادفة لإعادة تمزيق اللحمة الوطنية وإبقاء اليمن في دوامه الاقتتال والعزلة والتخلف . أما وقد استهللنا هذه التناولة بالإشارة إلى الدبلوماسية اليمنية التي استعادت عافيتها،فإنني أتوقف مع القارئ الكريم أمام النتائج التي آلت إليها اجتماعات وزراء خارجية الدول المطلة على المحيط الهندي والتي انعقدت مؤخراً في إحدى المدن الهندية ، حيث حظيت اليمن المشارك في هذه الاجتماعات - باهتمام المؤتمر الذي أسهبت وفوده كثيراً في التنويه إلى الموقع الجيوستراتيجي لليمن.. والتأكيد على ضرورة حشد الدعم اللوجستي لتأمين سلامة حركه الملاحة البحرية الدولية في هذا الممر الحيوي الهام الذي تمر عبره نحو أكثر من ستين في المائة من إمدادات الطاقة عالميا. ويتمثل ذلكم الدعم (الموعود) من خلال السعي لإيجاد آليات كفيلة بمكافحة ومحاربة الإرهاب من ناحية والقرصنة البحرية من ناحية أخرى خاصة وقد احتلت هذه القضية حيزاً واسعاً من مداولات الأخ الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية مع وزراء دول منطقة المحيط الهندي،وكذلك في تأكيدات وزير خارجية الهند سليمان خورشد الذي ساق بدورة حزمة من التعهدات الداعمة لليمن وفي طليعتها تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية بالنظر إلى عمق وشائج العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين. لقد تابعت تلك التصريحات والنتائج التي أسفرت عنها اجتماعات وزراء خارجية دول المحيط الهندي ،وخاصة فيما يتعلق برعاية مسار التسوية السياسية في اليمن وضبط إيقاع الحالة الأمنية في ممر الملاحة الدولية الذي يشرف عليه اليمن ،حيث تابعت كغيري من اليمنيين بارتياح كبير تلك النتائج باعتبارها تأكيدات اضافية تجسد التزام الأسرة الدولية وهذه الدول التضامن مع اليمن في أزمته الراهنة وإبقائه كذلك بمنأى عن التجاذبات الإقليمية والدولية التي اشتد أواروها في الآونة الأخيرة. هذا ما نتمناه ونرجوه من مخرجات تلك المؤتمرات والاجتماعات التي التئمت مؤخراً وامتدت من أمريكا على المحيط الهادي إلى الهند في المحيط الهندي. وإنا لمنتظرون . رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=460307164008364&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater