أمة يحمل أطفالها السلاح، أي مستقبل ينتظرها؟ ذلك ما ذهبت إليه المجتمعات التي مازالت تفكر بعقلية البندق والقنبلة.. واليمن من الدول التي فاق فيها عدد السلاح على عدد الأرضي المزروعة والثروة الحيوانية وقوة الكهرباء وخطوط المياه الصحية التي تصل إلى المنازل في كل مكان. والأخطر في هذا ظاهرة حمل السلاح عند الأطفال الذين لا يدركون أنهم إن ظلوا في هذا السبيل، فإنهم سوف يكونون في الغد صناع الموت لأن قانون الجريمة هو الذي يحدد مسار حياتهم. ولنا عبرة في الشعوب التي غفلت عن هذه الكارثة، عندما جندت الأطفال في صراعاتها، وحولتهم إلى شياطين الحروب، ففقدت نور بصيرتها، لأن الأمل في الغد احرقته نيران السلاح. الأطفال بداية علاقتهم مع الحياة تكون في أسرة تعرف أمانة الطفولة ومجتمع يقدم لهم الروضة والمدرسة التي تزرع فيهم الحب واحترام إنسانية البشر. أما الطفل الذي يجد من أوليات الحياة السلاح، قد انغلق عقله على الكثير من معالم الزمن وأصبح السلاح هو الوسيلة التي تبرر كل أساليب الجرائم، حتى تصبح الجريمة في تكوينه النفسي جزءاً من قوة الشخصية والحضور في الحياة، وفي ذلك تسييد لعقيدة القتل ليست عند الجانب الذاتي للفرد، بقدر ما تصبح صورة لهوية المجتمع الذي يجعل الجريمة ملاصقة لصفاته. فالطفل الذي يحيا في بيئة ترفع السلاح عند أبسط خلاف بين أفرادها، سقط في جوهرة قيمة النفس الإنسانية فهو لا يرى بها غير مشكلة تحلها طلقة رصاصة، أما الدم الذي يسفك والروح التي تزهق، كل هذا لا يدخل في حساب السلاح، لأن البندقية والرصاص هما الحكم، وكيف لأمة تعرف معنى للحياة وكل حياتها اختصرت في هذا الجانب؟ يقول عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين: “إذا أردت أن تعرف مستقبل أمة، اذهب إلى المدارس واعرف ماذا يدرس أطفالها”. أما نحن فكيف يكون مستقبلنا وأطفالنا يدخلون سوق السلاح؟ لقد أدركت الشعوب المتحضرة أن عماد ومستقبل الحياة هم الأطفال، فأقامت لهم كل ما يخدم مصالحهم، وجعلت المعرفة أقوى سلاح يجعل منهم أمماً عند مستوى التاريخ وليس مجرد شعوب فائضة عن الحاجة، إن عاشت فالعالم غير مستفيد منها، وإن ذهبت لا يخسر حاجة. أن نصنع الموت المجاني في حياتنا تلك هي الأزمة التي من الصعب تجاوزها دون عواقب، فالسلاح عندما يتحول إلى حالة نفسية عند الطفل يواكب تطوره في السلوك والعمر والعقلية، وكلما يمر الزمن والسلاح يرافق نمو هذا الإنسان يكون من المستحيل أخذ هذا الرفيق منه إلا في حالات قليلة، لأنه يصبح من وسائل الاتصال مع الحياة والناس. وفي ظل علاقة مثل هذه هل لمجتمع مثل هذا أن يتقدم مراحل إلى الأمام؟ هل للجرائم لغة إنسانية؟ وهل للرصاص معنى أخلاقي؟ للسلاح حدود للتعامل معه ومن يحمله، والكل يعرف هذا ولكن أن تجد طفلاً يحتضن السلاح بدلاً عن القلم والكتاب وأدوات المعرفة في هذا العصر، ذلك يدل على أن هذا المجتمع يعاني من خلل في كيانه، وأزمة في تعامله مع نفسه، وفي هذا ما ينذر بما هو مرعب وسيىء ربما لا تظهر كوارثه في الراهن، ولكن مع مسيرة الأيام تبرز أزمات ماهي إلا برهة حتى تنقلب إلى دمار وخراب على الكل وقد شاهدنا ما جرى للشعوب التي جرها جنون السلاح إلى ساحات الحروب، كيف أصبح حال النساء والأطفال فيها، الأطفال هم زهور الحياة كيف نحولهم إلى حطب محترق، وأمة يحترق أطفالها بنار السلاح، هل نملك القدرة على زراعة الأشجار الخضراء؟ طفل يعيش حياة ليس فيها مثل أعلى غير السلاح، كيف يكون حاله عندما يصل مرحلة الرجولة؟ لقد قتلت فيه الإنسانية قبل أن يقتل هو بسلاحه، ونحن ندرك ما يعني موت الإنسانية عند الفرد، فرد مثل هذا لا يهمه قتل ابن وطنه أو دمار بلده لأن البراءة في ذاته قد اغتالها السلاح منذ أن أمسكت يده البندقية بدلاً عن القلم وشاهد في لون الدم صوراً غير التي ترسمها الغيوم والأمطار. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=465552470150500&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater