إن إرساء تقاليد نيابية يحتاج إلى الالتزام المطلق بنوع النظام الذي يحقق الرضا والقبول الشعبي ويتناسب مع خصوصية الشعب البشرية والجغرافية والإرث الحضاري والثقافي الإنساني الذي توارثته الأجيال؛ لأن إعطاء الخصوصية أهمية مطلقة في اختيار النظام السياسي وشكل الدولة يعزز الوحدة ويمكّن النظام من اكتساب ثقة الشعب التي تعزز نجاحه واستمراره وتمنحه القدرة على تنفيذ المهام الوطنية الكبرى. ولئن كان الحديث عن النظام النيابي باعتباره الأقرب إلى إرادة الشعب فإن مركز ثقل السلطة التشريعية يكمن في أن المجلس النيابي يمثل الإرادة الكلية للشعب؛ لأن النواب فيه انتخبوا عبر الديمقراطية المباشرة, حيث اعتقد بهم الشعب لممارسة الديمقراطية النيابية نيابةً عن الشعب, ومن هذا المنطلق فإن الأولوية في البروتوكول في النظام النيابي هي للسلطة التشريعية والالتزام بذلك التزام بالإرادة الكلية واحترامها؛ لأنها مصدر شريعة السلطة التنفيذية، بمعنى أن السلطة التشريعية تستمد قوتها من الشعب مباشرةً, أما السلطة التنفيذية فهي من السلطة التشريعية المفوضة من قبل الشعب بمنح الثقة “الشرعية”. إن التركيز على السلطة التشريعية في النظام النيابي يهدف إلى خلق روح التفاهم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولأن النظام النيابي يشترط أن يكون النقد بين أعضاء الحكومة ومجلس النواب نقداً بناءً بغرض التوضيح وليس التجريح والاستهداف الشخصي, ثم إن الروح النيابية أخذ وعطاء مع السلطة التنفيذية, ولذلك أجاز النظام النيابي الجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بمعنى أن عضو مجلس النواب يمكن أن يكون وزيراً, الأمر الذي يحقق التوازن الدقيق بين السلطتين أخذاً وعطاءً يعزز روح التفاهم ويساعد على تنفيذ المهام. إن القول بأن النظام النيابي هو الأقرب إلى الإرادة الشعبية والأكثر ملاءمة للحياة السياسية المعاصرة لا يعني خلو هذا النظام من العيوب, فإلى جانب المزايا فإن هناك عيوباً سنتناولها في العدد القادم بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=467629203276160&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater