لم يكن الحديث على أهمية رئيس الدولة في النظام النيابي من باب العصبية لشخص بعينه كما نرى في بعض تقولات المصابين بالشعور بالنقص الذين لا يدركون الأبعاد الاستراتيجية لأهمية رئيس الدولة، وإنما من باب الضرورة الحتمية التي لا تستقيم الأمور بدونها. ولذلك فإن رئيس الدولة في النظام النيابي يحقق التوازن والاستقرار، ويمنع الاختلاف، ويحول دون انهيار البلاد؛ لأن رئيس الدولة كما يقول المفكرون في مجال القانون الدولي يحقق: المشاركة في تكوين الإرادة الكلية لكافة المكونات البشرية للدولة. يحافظ على وحدة المكونات الجغرافية للدولة. يوحد حركة المكونات السياسية في الدولة نحو تحقيق الأهداف العليا. ولئن كان رئيس الدولة في النظام النيابي المعاصر يقوم بالتوجيه وليس له سلطات فعلية مباشرة في شئون الحكم، لولا أن النظام السياسي النيابي المعاصر يشترط ضرورة وجود حكومة مستعدة لتنفيذ مهام الرئيس التي يوجه بها وفق النصوص الدستورية. كما أن النظام السياسي في الإسلام يشدد على أن رئيس الدولة يقوم بدور مهم يتمثل في: القيام بتصريف أمور الدين والدنيا على حد سواء بالتوجيه والإشراف على الحكومة أداة الدولة في تنفيذ أهدافها الاستراتيجية العليا، ويرى جمهور المسلمين ضرورة اختيار حاكم للبلاد، مستلهمين إجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على تولية خليفة، حتى إنهم قدّموا أمر البيعة على دفن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويرون أن اختيار حاكم للدولة يعني جلباً للمنافع ودفعاً للمضار والمفاسد، وهو واجب بالإجماع.. ونظراً لأهمية منصب رئيس الدولة وارتباطه بالسيادة الوطنية العليا فإن النظام النيابي المعاصر يجنب رئيس الدولة المسئولية أمام السلطة التشريعية، ويجعل الحكومة التي تمنحها السلطة التشريعية الثقة مسئولة مسئولية مباشرة عن تنفيذ المهام التي يوجه بها رئيس الدولة وفقاً للدستور، وأعطى رئيس الدولة حق تعيين رئيس الحكومة، وأخضع الحكومة للمساءلة والاستجواب أمام المجلس التشريعي، وقيد رئيس الدولة في اختيار رئيس الحكومة بحزب الأغلبية النيابية، كما قيد رئيس الحكومة في اختيار وزرائه بالأغلبية النيابية للحزب الفائز بها حتى وإن لم يكن راضياً عنهم. إن الحكمة من هذا الترابط في النظام النيابي المعاصر تكمن في إحداث التعاون والتنسيق والمرونة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، الأمر الذي يحقق الاستقرار ويمكن سلطات الدولة الدستورية من تنفيذ مهامها وبرامجها وأهدافها الاستراتيجية التي تهدف إلى خدمة المصالح العليا في بناء الدولة وتقوية مركزها في المجتمع الدولي. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=464838913555189&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater