من هبا نفسه قمامة نحشنه أمدجاج من أقوال صاحب بيت الفقيه لا يجب أن يتعلق الأمر بالتحولات التي نزعم أنها قد تكون لامست حال أبناء السعيدة، فتلك التحولات تحتاج إلى المزيد من الوقت والمزيد من التتابع للعملية التغييرية، فالزمن على ضيقه يجعل من عملية التغيير غاية في التشظي، خاصة والتركة كبيرة وتتعلق بالأذهان وبالاخلالات في مختلف مفاصل الحياة. وهناك من المتذاكين ومراكز القوى من يعمل جاهداً في الاتجاه الذي له علاقة في إحلال شلة أو فئة من الناس محل أخرى لتتسلم مقاليد الأمور، وكما لو كان الحال متعلقاً بأشخاص فقط، صحيح أن للأفراد أو الفئات أدواراً وفعلاًً مؤثراً ربما في أحد مفاصل الحياة، غير أن لا يمكن أن يكون الجامع لأدوات التغيير المنشودة في مختلف الجوانب الحياتية. إننا في بلاد السعيدة لا نختلف عن الإنسان في أي بقعة من بقاع الأرض فلدينا من القدرات ولدينا من الطبيعيات ما لدى الآخرين إن لم نفقهم ولدينا من الإرث والتاريخ الحضاري ما يجعلنا نتفوق على الآخرين فقط ينقصنا أننا نتفاعل مع الحياة ومع العصر خارج نطاق العقل، بل إننا نعمل بكل ما أوتينا من قدرة وإمكانيات لتهميش هذا الضعف في الكثير من تصرفاتنا وفي علاقاتنا ببعضنا، وإلى تعطيل كل نبضة نحو اليقظة، ونحو أعماله من أجل التطوير والنماء. إن مقولة “الناس على دين ملوكهم” لا تزال تحتل حيزاً كبيراً في مختلف جوانب حياتنا، وفي تفكيرنا وفي مختلف تصرفاتنا، وهي لا يزال لها شأن في جميع نقلاتنا، ولذلك فقد كانت المنهج الذي اختطه لنا نظام الحكم السابق وفلسفته، وأي خروج عنها يعتبر خروجاً عن الثوابت، تلك الثوابت التي أحكمت قبضتها على مختلف مقدرات الحياة وسيرتها إلى تلك الساقية المتجهة سلفاً إلى حيث يجب أن تصب وبشكل أصاب الحياة في مقتل. كثيرون من الأصدقاء والأحباب يتصدرون في أحاديثهم وحواراتهم هذه العبارة “ الثوابت” حتى أضحت لازمة لا فكاك منها إلا بأن تسود وكما لو كانت تنزيلاً، متناسين أن هذه الفلسفة في الحكم لا تصمد أمام المتغيرات والفعل الشبابي الهادر ثم إن هذه اللازمة أكل عليها الدهر وشرب كما يقال، بل إنها أضحت أحد أهم العلل إن لم تكن في صدارة الأسباب لتلك الإخلالات التي للأسف تعايشنا معها على مدى عقود من الزمان من منطلق أنها قدر هذا البلد المغلوب على أمره وأنها لا يجب أن تمس. إن فلسفة الثوابت قد انطلت على الناس في بلاد السعيدة وكانت أكثر انتشاراً وتجسيداً في العلاقات في منطقة تهامة، تلك الوديان الأكثر غلباً والأكثر فقراً والأكثر أمراضاً، والأكثر تمسكاً إلى وقت قريب بشعار “مالها إلا علي” غير مدركين أن كلما لحق بهم من تلك المدمرات كانت خارج نطاق العقد الاجتماعي الذي يجب أن تكون بينهم من جانب وبين عمهم علي والذي يقضي لهم بالعديد من الحقوق التي همشها هذا العم- ليس أقلها إلا حقهم في التعليم وفي التطبيب وفي الوظيفة وفي الحقوق السياسية، هل تعلمون أن الغالبية العظمى من هؤلاء الناس المغلوبين على أمرهم من منطقة تهامة ينضوون تحت حزب المؤتمر الشعبي العام، وأن هذا الحزب قد حصد كل الدوائر في تهامة باستثناء من أنشق أخيراً عن مسار هذا الحزب بفعل تماديه في تهميش خلق الله. وهل تعلمون أن سكان تهامة يأتي بعد محافظة سكان تعز في الفداء، تعز الصمود، تعز الثقافة تعز الحالمة كما يطلق عليها ونرجو ألا تظل في هذا الحلم إلى ما لانهاية. بل وهي كذلك فقد صحت من غفوتها وكان لها الصدارة في مختلف شئون الثورة وفي التضحية والفداء وهي اليوم تحظى بنصيب كبير ومشاركة فاعلة في الحياة السياسية الجديدة والتي نزعم أنها جديدة. هل تعلمون أن حزب المؤتمر لم يكن وفياً لأبناء تهامة كما هم أو فياء مع عمهم علي فلم يشفع لهم لدى هذا الحزب حصد كل الدوائر البرلمانية لصالحه، ولم يشفع لهم تلك المعاناة الشديدة القسوة ولم يشفع لهم تحويل أراضيهم لإخوان لهم نافذين من أصحاب العيون الحمراء، أقول لم يكن كذلك لأنه حتى رئيس حزب المؤتمر في محافظة تهامة لم يكن من أبنائها ولربما بعض قياداته. المشكلة ليست في عدم وفاء هذا الحزب أو العم علي، بل اعتقد أن هذا التهميش قد طالهم وأتى تنفيذاً لرغبة تأصلت سياسياً إذ لم يكن معهم من يذكر بالحال الذي أضحت عليه تهامة من مجاعة تنهش ما تبقى من العظام. وهو كذلك يأتي نتيجة لتشربنا تلك الثقافة وذلك الخطاب الذي أصم آذاننا وأطبق على القلوب والوجدانات وجعل صداه يسيطر على كل مقدرات الخلق والإبداع ويجعلهما يدوران في فلك دورته، هكذا سار الحال في بلاد السعيدة وكان أكثر سيطرة على أبناء تهامة الطيبين إلى درجة التبلد. نحن هنا بصدد التذكير للحال الذي آل إليه حال الناس في تهامة ونؤكد لأصحاب ذلك السلاح الذي يستخدمونه عادة ضد كل من يلامس تلك الشجون، أقصد تلك الاسطوانة المشروخة من مناطقية ومذهبية وخلاف ذلك من هذه الأمور التي يقصد منها إسكات كل من يحاول كشف معاناة الناس في تلك القارة. نؤكد لهؤلاء أنا ضد المناطقية وضد الانفصال وضد كل شكل من أشكال تجزئة الوطن، غير أنه يجب على الحكومة أن تضع في اعتبارها وضمن أولوياتها الاعتراف بهذه المنطقة واشراك أهلها في مختلف الفعاليات ، فهم قضية كذلك، بل هم وعلى مدى عقود، من احتمل جور الأنظمة وقهرها. وتجاه ذلك فإنه يكون من حقهم أن يطالبوا بنصيبهم، خاصة وعدد السكان يتجاوز عدد أربع محافظات في شمال وشرق البلاد، نصيبهم في الوظيفة العامة، والوظيفة القيادية والحقائب الوزارية وخلاف ذلك من هذه الحقوق. كما يكون من حقهم الشرعي والقانوني والوطني أن يسهموا كغيرهم من أبناء السعيدة في الحوار وفي مختلف اللجان ونحن نتساءل مع أبناء تهامة الطيبين حول هذا التهميش ، أليس ذلك يعيدنا إلى المربع الأول المتعلق بالاعتراف بهذه المنطقة المغلوب أهلها على أمرهم. وفي هذا الصدد فإن العديد من الكتابات والدراسات واللقاءات التلفزيونية التي كان آخرها مع المناضل الوحدوي حتى العظم الدكتور ياسين نعمان الأمين العام لحزب الاشتراكي الذي لامس وبشكل دقيق مخرجات الحوار الوطني والمفاصل المتعلقة بنجاحه وكيف يمكنه أن يتجاوز مداميك العراقيل التي يعمل البعض على الحيلولة دون الانتقال إلى حوار محفوف بكل أشكال النجاح والتميز غير محاط بتلك العقول المشدودة إلى ما يتوهمونه ذات صفة وذات علاقة كبيرة بهذه المسماة الثوابت أو تلك الرؤى والأفكار المشدودة إلى الماضي، والتي ليس لها في المستقبل شيء يذكر، بل هي من أسهم بقدر كبير فيما آلت إليه الأمور في البلاد. هذا البعض الذي يعتمد الماضي بكل سلبياته منهجاً للحياة وذاك الذي يعتمد خطاب التهميش والمصادرة، كلاهما ستلفظهما الحياة لأنها لا تطيق الدوران حول نفسها، ولا يمكن لها أن تخالف سنتها المتعلقة بالتحديث والتغيير، فهذان العنصران، هما الدم التي تزود الحياة بالديمومة، وهما ما يهيء لها اليوم يمن الحكمة، من خلال الحوار الذي ستسوده الحكمة ولسوف تجسده المتصرفات من عقلاء هذا البلد في اتجاه الحلم الذي ساور ابناء السعيدة لعقود مضت.. بقي أن نهمس في آذان هؤلاء الحكماء لنقول لهم بأن ابناء تهامة مهمشون وحقوقهم توجه إليها مدافع المصادرة ونيران الاستلاب في عهود مضت، فهل سيظل هذا السلاح موجهاً إلى النحور البريئة والقلوب الرحيمة، وأريد أن أذكر هنا حديث رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، حين قال: «أتاكم أهل اليمن ، هم أرق قلوباً وألين أفئدة» لقد كان هذا الحديث في أهل تهامة حين قدموا إلى رسول الله وعلى رأسهم القائد أبو موسى الأشعري.. وهم كذلك، غير أن المصادرة لحقوقهم والتهميش الذي يشل مختلف طموحهم، وإذا ما استمر عقلاء ابناء السعيدة في هذا الاتجاه، فإن الضغط الزائد كما يقال يولد الانفجار، وأبناء تهامة هم قضية، أرضاً وبشراً ووظيفة وحقوقاً مدنية وحقوقاً سياسية ...فهل وصلت الرسالة .أرجو أرجو أرجو. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=468279153211165&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater