ضمن إطار الحياة في مجتمع مازال ينظر إلى لفظ «المرأة» بأنها (شتيمة) حينما يُقصَد بها سقوط الرجولة من الرجل، تلقيتُ يوماً سيلاً من اللوم والعتاب من احد زملائي بعد أن سمعني أنعت أحدهم بالمرأة ، حينما أقدم على التخفي بإسم وصورة امرأة ، كون هذا تقليل من حجم ومكانة المرأة من امرأة نفسها ، إذ اعتبر ذلك إهانة للمرأة في حين أني بالأصل لم اقصد إلا إهانة الرجل المتنكر بقناع امرأة ، ولكني اقتنعت جدا بوجهة نظره فالمرأة أكرم من تُهان تحت سقف ثقافة بائدة وجائرة ،و لهذا السبب لم اكتب “ ليتني امرأة “ لندرة ورود هذه الكلمة على ألسنة الرجال بل كتبتُ “ لو أصبحت امرأة “ وأظنها أنسب مع تمسكي بوجهة نظري تجاه المرأة .. وحتى لا يتبادر للقارئ بأن الكاتبة تستعين بالخيال في طرح نقاط تخص الرجل ، تركت المساحة هنا للرجل ليتحدث عن نفسه بنفسه فجاء على لسانه التالي : لو أصبحتُ امرأة ..لن أقلق في مسألة الوظيفة بعد التخرج ، فالوظائف تذهب غالبا للجنس الناعم تحت مبرر الكفاءة والخبرة ! لو أصبحتُ امرأة.. لن أقلق أبداً إذا لم أجد شيئاً مفيداً لأكتبه.. كل ما عليّ فعله هو أن أتصور بوضعية معينة ثم أنشر الصورة على الفيسبوك وأنتظر لايكات وتعليقات المعجبين التي تنهال عليّ أكثر مما تنهال على بوستات جابر إبراهيم جابر وعبود الجابري.. لو أصبحتُ امرأة.. سأتطوع لجلب الخبز ولإنجاز معاملات أبي وإخوتي العالقة في الدولة، علىّ اعتبار أن طابور النساء أغلب الوقت يكون عُشْرَ (1/10) طابور الرجال.. لو أصبحتُ امرأة فسأغضب وأنفعل وأكتئب وأحزن وأتصرف تصرفات غريبة وقد أتفوه بعبارات تؤذي الطرف الثاني، وحين الاحظ علامات الإنزعاج عليه، سأعتذر منه وأقول: أرجوك لا تؤاخذني إنها “تلك الفترة من الشهر” مرة أخرى..!! لو أصبحتُ امرأة.. سأطيل شعري حتى يلامس كعبي.. ثم أقصه وأوزعه شعرة شعرة على كل الرجال الذين تساقطت من رؤوسهم النخوة.. وسأصفُّ الباقين على الدور بانتظار أن ينمو شعري من جديد.. (على لسان صديق) قد تبدو الصورة مكتملة وواضحة من خلال ما جاء في المقال السابق (ليتني رجل ) وهذا المقال ، فمازالت المرأة تشتكي حجب عنها بعضا من حقوقها والتي تعدها مهمة وتتعرض- تباعاً لغيابها - لأضرار متعددة أخطرها النفسية والإجتماعية فهي رغم ما توصلت إليه وعلى حد قول الرجل “تبطر” بالنعمة ! ولكن أي نعمة وهي في لحظات جمّه تنادي بغصة (ليتني رجل ) بسبب الصكوك التي تُمنح للرجل دوناً عنها ، أبسطها حق التعبير عن الرأي بدون تذكيرها بأن مكانها المطبخ والبيت ! أما الرجل وعلى لسانه مازال ينظر للمرأة من فوهة ضيقة (إلا من رحم ربي) : فهي دون كفاءة وتستحوذ على الوظائف والإهتمام !! وعليه أتساءل : ألا تستحق المرأة أن تنال حقاً أو يُوضع لطموحها ونجاحها وحتى طبيعة تكوينها الجسدي اعتبار، أم أنه الطموح في بلادي للبنت عيب ونجاحها خروج عن المألوف ! (كما قالت إحداهن) .. ومع ذلك فسأعطي حقا للرجل في توبيخ المرأة عن سوء بعض تصرفاتها بناءً على ما ورد في النقطة الثانية ، فالمرأة لا يليق بها تحوير النعم التي منحها الله عزوجل إلى نقم بتصرفات حمقاء نابعة أما عن جهل لما يدور في ذهن الجنس الآخر أو عن تأثر بثقافات غربية من شأنها تشويش صورة المرأة الشرقية .. سأقول أخيرا : ليكن الرجل رجلاً والمرأة امرأة ولنزح الستار عن قناعتنا أولاً وقبل كل شيء بالحاجة لدفن ثقافات بائدة وجائرة من شأنها وضع حائط صلب بين الرجل والمرأة من شأنه أن يزيد الفجوة والتعصب بينهما مما قد ينعكس سلبيا على مجتمعاتنا ، فالشراكة المجتمعية تبدأ من إيمان الرجل والمرأة بأن لكل منهما حقوق وواجبات ولا سلطة لأحدهم على الآخر إلا بما ينص عليه الشرع والدين وما دون ذلك فهو قدّاحة تحرق الطموح وتدفن النجاح بل وتكسر إكسير الحياة بينهما . رابط المقال على الفيس بوك