أجهزة السلطة المحلية ومجالسها المنتخبة، تكاد تكون مشلولة، فيما يتصل بأدائها لمهامها في التنمية المحلية، وتجربة اللامركزية الإدارية بعد أكثر من إحدى عشر عاما على العمل بها، لما تنمو وتتطور بعد.. فهي لا تزال كذلك، مجرد تجربة.. تصيب أحيانا، وكثيرا ما تخفق. ورغم تقادم السنين، لم يشتد عودها ولم تتطور في أدائها.. وكأنما هي تجري ضداً على سنن الطبيعة.. والسبب، عديد عثرات رافقتها منذ نشأتها.. غير أن أهمها ضآلة مواردها المالية. وباستثناءات محدودة، لبعض المحليات في أمانة العاصمة وعواصم بعض المحافظات، التي تتوافر على موارد مالية معقولة، وإن لم يجر توظيفها على نحو أمثل في برامج استثمارية تنموية، إلا أنهاحققت نجاحات متفاوتة، وتظل متقدمة على محليات محافظات أخرى، وأغلب المديريات، التي لا تتوافر على هكذا موارد، وبالنتيجة فلا أمل أن تحقق انجازات تذكر في عملية التنمية المحلية، لتنعكس إيجابا على مستوى معيشة المواطن، والتخفيف من أعبائه.. الموارد المالية عصب أيما نشاط، وهي كالدماء المتدفقة التي تبعث الحيوية والنماء... إلا أن ما يحدده قانون السلطة المحلية من موارد للمحليات، هي في معظمها احتمالية مأمولة لا واقعية، وكثير منها يتصل بمستوى متقدم من مستويات المعيشة والتطور، كرسوم الدعاية والإعلان، فتح دور السينما، المحلات، والتخطيط العمراني.. فهكذا أنشطة اقتصادية نادرة، إن لم تكن معدومة في كثير من المديريات.. وحتى الموارد الزكوية التي أضحت موردا محليا تماما، لا يزال مستوى تحصيلها متدنيا، لا يعكس حقيقة ما يمكن ان يمثله هذا المورد الهام من دعم للمحليات.. عدم وجود وعاء ضريبي مالي كاف، يرافقه انعدام الكادر البشري للقيام بمهام التحصيل والتوريد، جعل المشائخ واصحاب النفوذ يسدون الفراغ، ليتجاوز دورهم مهمة تحصيلها وابتلاعها، الى تحديد وفرض الرسوم، دونما اعتبار لسلطة محلية أو مركزية. وفيما دعم الدولة المركزي لأجهزة السلطة المحلية، لا يفي بمتطلبات البرنامج الاستثماري، تتضاعف المشكلة في ان الموارد المحلية المشتركة التي يخول القانون وزارة الادارة المحلية تحصيلها وتوزيعها وتوريدها الى المحليات، تواجه عقبات عدم إلتزام كثير جهات بدفع الرسوم المفروضة، وبعضها لم يلتزم أساساً منذ صدور القانون بأدائها، كالرسوم المقررة على كل برميل نفط أو ديزل أو جهاز يباع للمحطات. ثالثة الأثافي: الوحدات الحسابية التي أنشأت بالمخالفة للقانون، وكان وزير سابق للإدارة المحلية عزم على الاستقالة بسببها، باعتبار أن لا غرض لها غير (شفط) موارد المحليات الى المركز. في الطب، الطفل المنغولي، لا ينمو ويتطور كقرينه الطبيعي، ويظل في حالة تخلف عقلي وجسدي، رغم تقادم السنين، ولا أشبه لمحلياتنا من هكذا حالة، ومع أن لا سبيل لعلاج حالة الطفل المنغولي، يمكن علاج جمود أداء المحليات، بتوفير وعاء ضريبي حقيقي واقعي، يأخذ بالاعتبار توافرها وإمكانية تحصيلها، كبح سطوة المتنفذين والمشائخ، توفير كادر وظيفي لها وبيئة مؤسسية ومرفقية للعمل، لضمان توفير موارد مالية كافية لها، وبدونها لا أمل للمحليات في النمو والتطور. رابط المقال على الفيس بوك