دشّنت وزارة الإدارة المحلية برنامجاً تدريبياً لأربعين فرقة نزول ميداني إلى 162 مديرية في 13 محافظة، فيما وصفت بأوسع عملية نزول منذ صدور قانون السلطة المحلية العام 2000م.. بيد أن كلمة (نزول) تشي بدبلوماسية ناعمة، ربما أضمرت الغرض الحقيقي للمهمة في كونها تتغيا إجراء تفحص دقيق لأداء أجهزة السلطة المحلية، وبعبارة مباشرة: كشف حساب السلطة المحلية خلال الفترة الماضية، ضمن عملية تقييم وتقويم لأدائها. وفي الواقع إن وصف مهمة التقييم بأنها (عملية) يشكّل مجاملة لتسلسل غير متوافر، باعتبار أن أي عملية هي إجراءات متسلسلة مقصودة، ضداً على ذلك كثيراً ما شهدت عملية تقييم أداء المحليات انقطاعات متتالية، إذ كان ثمة تعطيل فاضح من النظام السابق لدور الوزارة الرقابي والإشرافي وتعزيز الانتقال إلى اللامركزية، ظهرت مؤشراته في توقف انعقاد المؤتمرات العامة للمجالس المحلية, وعدم موافاة الوزارة بالاعتمادات المخصصة للعمل الميداني، الذي شهد جموداً لسنين طوال.. فيما ظلت الوزارة تستند في تقييم أداء المحليات فقط على تقارير تصلها من الوحدات الإدارية ذاتها، وهي تقارير مكتبية تظهر شيئاً وتضمر أشياءً. نجاح المهمة يُحسب لقيادة الوزارة في استشعارها أهمية تفعيل دور الوزارة الرقابي، وفي متابعتها الحصول على التمويل من وزارة المالية بعدما تعطلت مهام الوزارة لضآلة مخصصاتها، رغم أن عملية التفتيش تستهدف في جزء منها الوقوف على مسببات تدني تحصيل الموارد المالية للوحدات الإدارية ( محافظات ومديريات) وإيجاد آليات لتفعيلها، ما يعني بالنتيجة تخفيف العبء على ميزانية الدولة، وتوفير الدعم المالي للمحليات للقيام بأعباء البرنامج الاستثماري التنموي لاسيما وهنالك كثير موارد لا يتم تحصيلها بصورة دقيقة .. وهي جهود تستحق الإشادة، إلا أنها تفرض استتباعها بأخرى مضاعفة خلال فترة أداء الفرق لمهامها التي تستمر 16 يوماً، تبدأ من السبت الموافق 25 مايو الحالي، بالتواصل المباشر لمتابعة مخرجاتها أولاً فأولاً كي لا تشذ عن الأطر المرسومة لها، وتحليل ما سيترشح عنها من نتائج تكشف مكامن الاختلالات في أداء المحليات، والتحديات التي تقف أمام انجازها لمهامها، وتعزيز إيجابياتها، ومن ثم وضعها أمام المعنيين للاسترشاد بها لتعزيز الانتقال إلى اللامركزية. كان للامركزية في بداياتها زخماً شعبياً ضافياً، غير أن تعطيلها بسبب عدم توافر إرادة سياسية حينها، أفقدها زخمها، وهو أمر يمكن تجاوزه، لاسيما واليمن يشهد حواراً شاملاً، تأتي مهمة إعادة صياغة النظام الإداري المحلي في صدراة اهتماماته، وفي حين أن ما سيتمخض عنه لا تقتضي توافر إرادة سياسية لإنفاذها، كونه بذاته تجسيداً للإرادة الشعبية.. ما يكسب توقيت نزول تلك الفرق أهمية مضاعفة، باعتبار أنه يمكن لفرق الحوار الاسترشاد بمخرجاتها في رسم ملامح النظام الإداري المحلي، وتوزيع السلطات والموارد بين المركز والمحليات، وفقاً لمؤشرات واقعية تأخذ بالاعتبار الكفاءة الإدارية للوحدات الإدارية ومدى قدرتها على تحصيل مواردها وممارسة صلاحياتها. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك