اسمي المرقوم في مستودع الغيب “عمر”، وكنية أُسرتي الطيَّار.. أتساءل دوماً إن كان لي في هذه التسمية نصيب كما يقول العرب، وحالما أصل إلى قناعة ميتافيزيقية بجدوى التأمل، اكتشف أن ما قاله العرب قديماً يحتمل درجة عالية من براغماتية الحكيم “صن تسو” الصيني، فلا اسم يحمل ظاهر بيانه، ولا إنسان يتغلَّب على جوهر كيانه. أنا يماني الأبوين، ولدتُ خارج جغرافيا المكان السلالي، وأصبح لي في كل معسكر لعبقرية اللغات والأنساق الثقافية مكان أثير أزهو به ما حييت، فالصومالية هواي، والإيطالية نبع أبجديتي الأولى، والعربية عشقي الدائم، والرومانية نبع ثقافتي الجمالية والاقتصادية، ولي في حضرموت وعدن ولحج أبعاد دونها فيوض الروح، وحنين الذاكرة المرهقة بأحوال الوجود. في مقديشو وعدن تشرّبت معنى العلاقة بالبر والبحر، وفي روابي اليمن الواسعة الزاهية كانت لي ذكريات تعيدني دوماً إلى مرابع الوجود المُموْسق بالجمال، والمُدوْزن بالجلال.. ومع توالي أيام الليل والنهار ينبري أمام ناظري دهر الثبات بوصفه تعبيراً عن القيم الراسخة الأصيلة، ودهر التحوُّل بوصفه حالة مُناجزة إبداعية للمُستجد والمُتغير.. لكن المدى الأقصى في كياني يتصل بدهر الدهور، حيث الغياب الأسمى في الغيوب، وآمادها المطلقة الانخلاع من الزمان والمكان .. هنالك حيث تكون الحقيقة قابعة في سديم الفراغ، والمعنى نابع من عماء الفيض، الذي يستكنه الممكن والمستحيل. مشقّة الأيام وتنكُّباتها الموصولة بتصاريف الأقدار جعلتني أمسك بحكمة التصالح مع الذات والآخر، من خلال المعاني التي تنبجس من الوجود لتجد ردع صداها الشاهق في تضاعيف النص المكتوب .. ذلك النص الذي يستمد وهجه الأصلي من الحياة، ويتماهى مع اللغة بوصفها الركن الركين لبناء يصل الأرض بالسماء، ويحيل اللا معوقل معقولاً، والغائب حاضراً، واللا مرئي مرئياً. تلك هي مثابتي الافتراضية التي تبارز الوجود، لتصل الخيار بالجبر، والجبر بالخيار، فلا مفر من قدر؟، ولا سبيل لمناجزة الغائب الكامن في تضاعيف الغيوب الرهيبة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك