تتعدد المؤشرات القوية لانفلات أمني وإداري موجه شديد الخطورة غايته تعليق عمل الجهود السياسية المحلية والدولية أو عرقلتها. وتفيد معلومات عن وجود مخطط لتفاقم الأوضاع المتدهورة في الواقع؛ بهدف الالتفاف والضغط على قرارات عليا جاهزة للصدور عبر التصعيد بأعمال العنف، إضافة إلى الفوضى الإدارية من جانب آخر. مواطنون رصدوا توزيع كميات سلاح من مجهولين إلى مواطنين آخرين في مختلف مناطق سكنية بالعاصمة وغيرها من المدن. وخلال الأسبوع الأخير ازدادت الأزمات في الكهرباء والإنترنت وأنابيب النفط، إضافة إلى كمائن وتقطعات بالطرقات التي تربط المدن وصولاً إلى قصف الضالع واغتيالات وسط العاصمة وكمين مأرب، في ظل حدوث مشاكل إدارية متعمدة داخل وزارات وهيئات ومصالح حكومية تفضي إلى تعطيل مصالح المواطنين. في السياق ذاته تتعزز احتمالات عودة نشاطات التفجيرات الانتحارية التي شهدتها البلاد خلال الشهور الأخيرة وكانت هدأت مؤخراً. بينما تبدو الدلالات الخطيرة لورقة الانفلاتات الأمنية أكثر وضوحاً مع حادثة اقتحام المحكمة الجزائية المتخصصة؛ حيث تم نهب ملفات مهمة منها متخصصة بالإرهاب، ما يعني أن طرفاً منظماً يقف خلف هذا الاقتحام غير المسبوق. وبالتأكيد فإن المناخ العام في ظل تفاقم هذه الأجواء لن يكون مناسباً لعقد مؤتمر الحوار الوطني المزمع. كما سيكون الجميع أمام تحد كبير في حالة عدم القدرة على ضبط الفلتان الأمني الذي بدأت تتسع رقعته على نحو مكشوف في ظل ارتفاع منسوب التحريض السياسي أو الشحن المذهبي. لذلك ينبغي أن تسارع القيادات المعنية إلى ضبط الوضع الأمني بكل جدية وتعزيز وزارة الداخلية للإجراءات الوقائية أكثر، فيما يحتاج الأمن إلى قرار سياسي جريء، وهو اليوم مفقود كما نلاحظ. على أن مصالح من يقفون خلف إثارة هذه الاضطرابات تبدو مكشوفة للمراقبين وهم يحاولون جر البلاد لحالة فرض الأمر الواقع، وبالتالي عرقلة المستقبل على أكثر من مستوى في حال تحققت أهم القرارات التي ينتظرها الشعب. ويرى المراقبون أن القرارات السياسية التي من شأنها فرض سلطة الحكومة على الجيش مباشرة هي الوحيدة التي ستجنب البلد تداعيات أي تدهور تم التخطيط له باضطراد من أجل الضغط على هادي. كما يجمع هؤلاء على أن مؤشرات الأوضاع الجارية على الأرض من تدهورات عديدة تريد الاتجاه باليمن إلى أن تكون دولة داخل الدولة. كذلك تجمع غالبية أطراف العملية السياسية على أنه لا يمكن أن تهدأ الأوضاع في اليمن بحكم تواجد علي صالح واتساع نفوذ أعوانه المتواجدين في العديد من مفاصل الدولة، إضافة إلى استمرار مراكز قوى الجيش النافذة في مواقعها؛ حيث تعد لاعبة رئيسة في مصير البلاد اليوم. غير أن الوضع سيزداد كارثية في ظل غياب الأفق السياسي والأمني الرشيد والحازم. بينما تبدو أكبر مشكلة لم يتم الفصل فيها حتى الآن كامنة في أن “صالح يتصرف كقائد للمعارضة” - حسب تقرير جمال بن عمر الأخير لمجلس الأمن. وكان موفد الأممالمتحدة إلى اليمن قال في تقريره:”إن البعض مايزالون ينظرون إلى الوضع من منظور عالق في تحالفات الماضي الثابتة، بدلاً من التطلع إلى المستقبل والتكيف مع الأوضاع الجديدة”، مضيفاً أن “العملية الانتقالية مهددة من قبل الذين لم يفهموا بعد أنه يجب القيام حالياً بالتغيير”. وتابع جمال بن عمر: “لم يستسلم المفسدون على اختلافهم حتى الآن.. لايزالون حريصين على العرقلة والاستفادة من عدم الاستقرار”. رابط المقال على الفيس بوك