مع إدراكي لتغول العقدة الدونية في الإنسان اليمني التي تحكم تقديره لكل ما هو يمني فإنني على ثقة أن النخبة السياسية اليمنية المؤسسة للقاء المشترك بقيادة ياسين نعمان وعبدالوهاب الآنسي وعبدالملك المخلافي ومحمد اليدومي وجارالله عمر كانت تستحق أن تتصدر المشهد السياسي العربي وأن يقف التاريخ أمامها بإجلال وإعزاز كبيرين. وفي المقابل فإن النخبة السياسية المؤسسة للشقاق المشترك المصري والاستقطاب الايديولوجي بقيادة رفعت السعيد وخيرت الشاطر وحمدين صباحي تستحق مكانتها في خارج التاريخ. أظن أن الشباب اليمني بقدر حاجته إلى التمكين السياسي هو بحاجة أيضاً إلى الاعتزاز برصيد النخبة السياسية اليمنية، أقول ذلك من واقع تأملي لبعض الشباب المشدوهين ببلاهة الى اعتمالات التجربة المصرية وكأنها التجربة الملهمة. النخبة المصرية المعاصرة لا تحمل أي إلهام حتى الثورة الشبابية جاءت من تونس وليس من مصر التي استلهمت التجربة كما استلهمناها نحن مع ادراكي لدور ديناميكية الثورة المصرية في تعزيز إلهامية التجربة التونسية لليمنيين وأؤكد أن النخبة السياسيية التونسية بقيادة الغنوشي والمرزوقي تظل الأقرب إلى روح التجربة اليمنية المميزة. أتذكر أنني تواصلت هاتفيا قبل عشر سنوات مع الغنوشي وعصام العريان لأخذ رأيهما في استطلاع صحفي حول تجربة الإصلاح في اليمن فكان الغنوشي مبهوراً بتجربة الإصلاح في المشترك مباركاً وكان العريان متخوفاً مرتبكاً بصورة عجيبة. من مفارقات الربيع العربي: في سلطة الحاكم العسكري الاسلامي في السودان: حين يحتج الطلاب على زيادة الرسوم الطلابية داخل الجامعة يسقط أربعة شهداء من المحتجين. وفي سلطة الحاكم الاسلامي المدني في مصر حين يشتبك انصاره مع محتجين يطالبون بإسقاطه أمام القصر يسقط تسعة شهداء من أنصاره وألف جريح وتحرق مقراته ولم يسقط شهيد واحد من المعارضين، ثمة فارق جوهري بين الأنظمة الديمقراطية والأنظمة العسكرية سواء كانت اسلامية أو علمانية، يسارية أو قومية. وعندما قال الله عز وجل: “كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى” لم يقل إلا إذا كان من الإسلامين أو البطنين أو غيرهم، كل من يمتلك أدوات السلطة المطلقة سيمارس الطغيان إذا لم يتم محاصرته بجميع الوسائل التي توصلت إليها البشرية في مسيرتها النضالية ضد الطغيان. رابط المقال على الفيس بوك