ما لم يفهمه الكثيرون حتى الآن أن الثورات العربية الشبابية السلمية التي اندلعت منذ مطلع العام الماضي 2011م هي ليست ثورات إيديولوجية أو عقائدية..وليست ثورات للإخوان المسلمين مثلاً أو ثورات قادتها القوى الليبرالية أو العلمانية والقومية.. لكنها ثورات شعبية شبابية سلمية تعبَّر عن نضوج إرادة الجماهير بمختلف انتماءاتها ومشاربها وتعدد وتنوع فئاتها وشرائحها..! الوعي الجمعي للشعوب صار اليوم متقدماً على الأحزاب والانتماءات والعقائد والأيديولوجيات..وصارت الشعوب لا تلتزم لحزبيتها أو عقائديتها وأيديولوجياتها، بقدر التزامها القوي بحقوق الإنسان في الحرية والعدالة والديمقراطية، وفي تطلعاتها لبناء الدولة المدنية الحديثة..! لذلك لا تستطيع القوى الإسلامية ولا القوى الليبرالية أو العلمانية أن تتحكم بشارع الربيع العربي؛ لأن هذا الشارع أصبح بكل قواه الفاعلة بمختلف المشارب والانتماءات هو من يحكم ويتحكم بالحكومات، ويقرر مصير الأنظمة بغض النظر عن شكلها ولونها..! ويبدو أمراً مستغرباً وغريباً هذا الاحتفاء من قبل بعض القوى المتبقية من الأنظمة الاستبدادية التي اجتثها الربيع العربي، لما يجري في مصر مع الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي، وكأنما يريد هؤلاء أن يصوّروا لنا بأن ثورة الربيع المصري هي ثورة الإخوان المسلمين وبأن أخطاء أو فشل الإخوان المسلمين في السلطة والحكم هو فشل لثورات الربيع العربي.. وهكذا أيضاً يريدون أن يضللونا بأن فشل حكومات ما بعد الربيع العربي هو فشل للثورات الشبابية السلمية العربية، وأذان جديد بعودة الأنظمة الاستبدادية..! هذا فهم سطحي لعقول بليدة لا تستوعب أبعاد التغيير الجارف في كل من بلدان الربيع العربي..! نقول لهؤلاء: ربما ستسقط حكومة أو نظام الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي في مصر.. وقد تسقط حكومة باسندوة في اليمن.. ومثلها حكومة الغنوشي في تونس.. وحكومة علي زيدان في ليبيا..ولكن لن تسقط ثورات الربيع العربي ولن تنهزم..وعجلة التاريخ والتغيير لا تعود إلى الوراء. الثورات الشعبية الشبابية الشعبية هي من تصنع الحكومات.. وهي من تحاكمها وتزيلها؛ لأن الأنظمة والحكومات الحاكمة والسلطة القائدة هي اليوم الثورة ذاتها المعبر عنها في الساحات والشوارع العامة.. حيث لا صوت يعلو فوق صوت ثورات الربيع العربي..! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك