أفترض بداية أن من الضرورة بمكان تعريف الموسيقى الكلاسيكية انطلاقاً من دلالة التوصيف وكُنه الكلمة، وسيكون من موجبات التحديد التعريفي القول بأن هذا التصنيف والتوصيف لا يخص الموسيقى فقط، بل يشمل كامل الفنون الأكاديمية الرصينة التي بدأت تباشيرها الأوروبية في القرنين الثالث والرابع عشر الميلاديين، وفي أوروبا المتوسطية تحديداً، الوارثة لثقافة الامبراطورية الرومانية البيزنطية، والثقافة العربية الإسلامية أيضاً. وشاهدُها المكاني على ذلك أسبانيا وإيطاليا والبرتغال، واليونان، وما يحيط بهما من تخوم وجزر وامتدادات. تلك الثقافة ازدهرت تباعاً حتى تخوم القرنين السابع والثامن عشر، مُتخذة أشكالاً متعددة؛ بل إن التوصيف الأول للكلاسيكية الفنية تنامى لنشهد الكلاسيكية الجديدة والرومانتيكية، حتى الحداثة التي بدأت تطل بتنويعاتها المتنوعة، منذ القرنين التاسع عشر والعشرين. الكلاسيكية لم تكن صفة نعتية للموسيقى فقط كما أسلفنا، بل شملت فنون العمارة والتشكيل والآداب، أي أن تلك الصفة طالت كامل الفنون المعروفة، سواء كانت ذهنية مجردة، أو تطبيقية مشهودة في صروح البناء، ومشهديات الطبيعة المُصوغة بتدخل الإنسان، كما هو الحال في فن تنسيق الحدائق، وعلى سبيل المثال لا الحصر. إطلاق تلك الصفة على الموسيقى الكلاسيكية يدخل في باب التوصيف والتصنيف النمطي الإجرائي للموسيقى، استناداً إلى أبرز ملامحها وخصوصياتها، ودونما إلغاء للتفرعات الداخلية في أنماطها، حتى إننا نستطيع تجيير صفة بذاتها على كل اسم من الأسماء المعروفة من مبدعي هذا الفن الرفيع، ومنهم شوبان وفيفالدي وبيتهوفن وشوبرت وباخ وموتسارت وتشايكوفسكي، وغيرهم، وللحديث صلة. [email protected]