الكلاسيكية الموسيقية الأوروبية ليست مقطوعة الجذر عن فنون الموسيقى الشعبية الفولكلورية، فالمنابع الشعبية للموسيقى شكلت رافداً من روافد الأعمال الملحمية الكلاسيكية؛ غير أن فن الموشحات الدينية الكنسية الأوروبية كان بمثابة الرافد الأكبر، لجهة “الكورال” القائم على تعاضد الأصوات وتكاملها في بُعدي “الهارموني والكونرابنكت”، أو “التناغم والتضاد”، وهو ما جعل أصوات الكورال“الإنشاد” المتعددة، سبباً في متواليات موسيقية متعددة أيضاً.. أقصد تحديداً ما يلي: الصوت “الصولو” مقابل العزف “الصولو”، والكورال المتناغم مقابل الوتريات المتناغمة، وتبادل القرار والجواب الكورالي، مقابل “الكونترابنكت” النابع من مزاج الوتريات والإيقاعات وآلات النفخ. هل لنا أن نقول إن هذه التراسلات الإبداعية الحميدة والمُضنية في آنٍ واحد، يمكن تبيُّنها في علاقة الأصوات بالموسيقى المجردة، كما تشي ضمناً باتصالات موازية في فنون التشكيل والعمارة؟. مما لاجدال فيه أن هذه العناصر بجملتها تنطلق من ذات القوانين الناظمة للفنون، سواء كانت موسيقية أو بصرية أو إنشائية، وحتى كتابية. ولعل النص المكتوب شاهد كبير على التماهي الإبداعي بين الفنون المختلفة، ذلك إن تحرير النصوص في المطبوعات المختلفة يوازيها تحريرٌ بصريٌ “إخراجيٌّ” يكون بمثابة الضابط لجمالية الشكل في مستوى الصفحة الواحدة، وكذا الانسياب البصري لعديد الصفحات في ذات المطبوعة؛ ما يمكن تسميته دون أدنى حرج بالموسيقى البصرية، التي تنساب كشلالات الدفق الهارموني للموسيقى الكلاسيكية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك