تتواصل الجهود الحثيثة على مختلف المستويات الرسمية والحزبية لعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي سيتوقف على مخرجاته تحديد مستقبل اليمن واليمنيين، ولذلك تم تأجيل موعد انعقاده عدة مرات بهدف ضمان مشاركة جميع الأطياف السياسية والاجتماعية وتهيئة الظروف الملائمة لانعقاده وتوفير الأجواء الملائمة لمناقشة كافة القضايا التي سيتم طرحها بشفافية مطلقة وإقرار الحلول والمعالجات الناجعة لها وفي مقدمة تلك القضايا القضية الجنوبية وقضية صعدة والدستور الجديد وشكل الدولة والنظام السياسي والنظام الانتخابي وأسس قيام الدولة المدنية الحديثة ومتطلبات المرحلة القادمة، ولذلك نجد أن أنظار اليمنيين داخل الوطن وخارجه مصوبة نحو العاصمة صنعاء تراقب عن كثب المشهد العام السياسي والاجتماعي وتطورات الأوضاع والاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر الحوار الوطني الذي يعتبرونه بمثابة الجسر الذي سينتقل من خلاله الوطن والشعب من الواقع الحالي بكل تعقيداته وظروفه الاستثنائية التي خلفتها الأزمة السياسية العصيبة وتداعياتها المؤسفة إلى واقع أفضل، ويعتبرونه كذلك بمثابة البوابة التي سيعبر من خلالها الشعب اليمني إلى اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة.. دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية تاركين وراءهم كل المساوئ والخلافات والأحقاد والآلام والمآسي والجراحات التي خلفتها الصراعات السياسية والأحداث المؤسفة على مدى الخمسين عاماً الماضية. لدي تفاؤل كبير ومعي الكثير أبناء الوطن أن الحكمة اليمانية ستكون حاضرة بقوة في كل جلسات الحوار وسيتم مناقشة كافة القضايا بحكمة وعقلانية من قبل المشاركين ووضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل المصالح الحزبية والشخصية الضيقة، ولدي قناعة تامة بأنه لابد من وضع الأمور في نصابها الصحيح فالقضية الجنوبية يكمن حلها في إنصاف كل من تعرض للظلم بإعادة لكل ذي حق حقه سواء كانت حقوقاً وظيفية أو ممتلكات شخصية أو عامة تم الاستيلاء عليها دون وجه حق واعتماد نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات أو نظام الأقاليم في إطار الدولة اليمنية الواحدة ولا يكمن الحل أبداً كما يطرح البعض من خلال اعتماد نظام الإقليمين “شمالي وجنوبي” أو من خلال الانفصال والعودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل 22مايو 1990م - دولتين قائمتين على وطن واحد لشعب واحد - لأن ذلك ليس في مصلحة الشعب اليمني بصفة عامة وأبناء الجنوب بصفة خاصة فقد تشابكت المصالح العامة والعلاقات الأسرية، والوضع السكاني اليوم لم يعد كما كان قبل إعادة الوحدة.. كما أنه إذا حدث الانفصال – لا سمح الله فلن تكون الأوضاع مستقرة، لأن كل المؤشرات تؤكد أنه في حالة الانفصال فلن تكون هناك دولة واحدة في الجنوب وإنما دولتان أو ثلاث بل هناك من يرى أن الجنوب سيتجزأ إلى ست أو سبع دول.. وبالمقابل لن تستقر الأوضاع في الشمال فما سيحدث في الجنوب سيعكس نفسه على الشمال وحينها سيجد اليمنيون أنفسهم موزعين في دويلات كرتونية صغيرة كل واحدة منها تتربص بالأخرى وهذا مخطط “الشرق الأوسط الجديد”.. ولذلك فإن مستقبل اليمن أرضاً وإنساناً مرهون بما سيتمخض عنه مؤتمر الحوار الوطني، وكذلك بموقف المجتمع الدولي وخصوصاً الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول الراعية للمبادرة الخليجية.. وعلى أولئك الذين يصرون على الانفصال أن يعلموا جيداً أن التاريخ لن يرحمهم وأن الأجيال القادمة لن تسامحهم فيما لو تحقق لهم مبتغاهم في تجزئة اليمن إلى أجزاء متعددة. رابط المقال على الفيس بوك