في الأسبوع الماضي صدر قرار جمهوري باعتماد تعز عاصمة ثقافية لليمن, هذا القرار ليس بجديد على تعز فهي معروفة للقاصي والداني ومنذ القدم أنها مدينة الثقافة والتطور والانفتاح, ويكفي هذا المدينة فخراً أن معلم الإنسانية محمد صلى عليه وسلم ارسل إليها الصحابي الجليل معاذ بن جبل الذى استقر فيها ونشر الإسلام في كل ربوع اليمن، هذا يدل دلالة واضحة أنها كانت مركز إشعاع حضاري وتنويري منذ القدم ..لقد كانت يوماً عاصمة الدولة الرسولية التي تعد من أقوى وأهم الدويلات الإسلامية، فقد امتد حكمها إلى معظم مناطق شبه الجزيرة العربية بما في ذلك مكةوالمدينة، بل إن هناك بعض المؤرخين من يذهب إلى أنه عندما سقطت الخلافة العباسية في بغداد بفعل غرو التتار الذين دمروا عاصمة الخلافة الإسلامية كانت الدولة الرسولية هي الدولة القوية، فقد اعلن ملكها نفسه خليفة للمسلمين وصارت تعز هي عاصمة الخلافة .. صحيح أن القرار تطور إيجابي وخطوة متقدمة تشكر عليها القيادة السياسية وحكومة الوفاق لكن ما تحتاجه تعز ليس مجرد قرارات إنما هي بحاجة إلى عمل على أرض الواقع يشعر به المواطن ويعيد الاعتبار لهذه المدينة ويعوضها عن سنوات التهميش التي عاشتها تعز أيام النظام البائد ... الثقافة ليست قرارات إنما واقع وسلوك وممارسة, فهل يعقل أن عاصمة الثقافة لاتزال تعاني من مشاكل كبيرة مثل ما تعانيه في أنظمة المرور وتكدس القمامة في شوارعها، وهل يعقل أن تكون عاصمة الثقافة وهي لا تزال تعج بالمسلحين والمعسكرات تحيط بها من كل جانب، وهل يعقل أن تكون عاصمة الثقافة و لا يزال المشائخ والمتنفذون الأمنيون يتربعون في مناصبها القيادية .. إن تعز اليوم بحاحة إلى تغيير حقيقي يتناسب مع مكانتها ودورها الريادي في الثورة الشعبية, فمن العيب أن تكون مهد الثورة ومطلقها الأول آخر من يجني ثمار هذه الثورة، فبعد مرور أكثر من عام على تشكيل حكومة الوفاق لم يحدث في تعز إي تغيير سوى تعيين شوقي أحمد هائل محافظاً لها هذا التغيير استبشر به أبناء تعز استبشاراً كبيرا يومها لكن لم يكتب له النجاح حتى الآن لأنه كان بحاجة إلى أن تتبعه تغييرات أخرى تقضي على منظومة الفساد وأصحاب النفوذ والمصالح الذين كانوا أدوات للنظام البائد استخدمهم في قمع وتدمير مقدرات المحافظة والذين وبرغم الثورة الشعبية التي وصل أخبارها إلى اقصى الدنيا والتضحيات والشهداء والدماء التي سيلت في شوارع تعز لا يزالون يمارسون نفس أعمالهم السابقة دون حياء أو خجل كأن نساء تعز عقمت أن تلد رجالا غيرهم أن تعز عاصمة الثقافة بحاجة اليوم إلى أن تكون نموذجاً للشراكة والتوافق الوطني ونقطة انطلاق للدولة المدنية والمجتمع المدني القائم على الحرية والتعايش و القبول بالآخر و تسود فيها معايير النزاهة والشفافية وتقديم أصحاب القدرات والكفاءات على أصحاب الولاء، علينا أن ندرك أن الاستئثار بالقرار وتمكين فئة محدودة على حساب الفئات الأخرى يعني السير في طريق الفشل والعودة إلى المربع السابق الذى عانت منه تعز عقوداً من الزمن ..لا يوجد حل يمكن من خلاله حل مشاكل تعز والارتقاء بها حتى تكون عاصمة حقيقية للثقافة والمحافظة على النموذج المدني إلا بالشراكة الحقيقة والتوافق الوطني .. والذى يقول يريد غير ذلك فهو لا يريد الخير لتعز ولا يريد لها الأمن و الاستقرار. رابط المقال على الفيس بوك