السيد السفير فايرستاين - المحترم هذه ثالث وآخر رسالة أكتبها عبر إطلالتي اليومية في جريدة الجمهورية مستعيناً بالتعبير التلقائي المباشر، ومتخلياً عن المسبقات الذهنية، والمعلومات المنتشرة في بورصة التداول السياسي الفولكلوري ، وأختتم تساؤلاتي السابقة بوقفة أمام الحرب العالمية المعلنة من قبل اليمين الأمريكي على عهد بوش الابن، والتي مازالت تحرر خرائبها في اليمن وأفغانستان وباكستان والصومال ، وقد تتمدد بقوة دفعها الناجم عن ردود الأفعال اليائسة للجماعات الطهرانية المساقة إلى حتفها رغم أنفها ، لتشمل مناطق أخرى في عوالم العرب والمسلمين . قبل حين قرر الرئيس عبد ربه منصور هادي مجابهة التحدي الماثل في أبين ، وفي خضم التسارعات التراجيدية هناك، وتحرك القوات المسلحة المسيجة باللجان الشعبية كان النصر ضد الطهرانيين المتطرفين بمثابة إعادة اعتبار للجيش الوطني ، وتأكيد على أن ما حدث هناك قبل ذلك هو بمثابة تواطؤ غير معلن ، ومكيدة تم تدبيرها بليل ، وكان ضحيتها مئات العسكريين وعشرات الآلاف من المشردين ، وكانت الرسالة غير المسؤولة ترجماناً للوعود الكئيبة القائلة بأن التوق للتغيير يساوي حكم القاعدة والجهاديين وأفغنة اليمن . غير أن الشواهد أثبتت غير ذلك وعادت أبين إلى حظيرة الوطن منتشية بعزة اللجان الشعبية وكرامة القوات المسلحة . يومها كان الرئيس عبد ربه منصور عازماً على تتويج النصر بزيارة استثنائية كما قالت بعض المصادر، ولعله أجل تلك الزيارة لسبب ما ، ولأنني لا أستطيع الجزم بدقة المعلومات التي أرويها هنا ناقلاً عن ناقل ، إلا أنني أستطيع الجزم بأن زيارتكم العاجلة لأبين بدت متقاطعة مع الزيارة الافتراضية للرئيس ، ولعل الصدفة البحتة قادت الأمور إلى هذا النوع من الانتظام الذي كنت شخصياً أتمنى أن يترافق مع حضور الرئيس ، لكنها الأحوال ( تصرفنا ولا نصرفها ) كما يقول الصوفي العربي المتروحن بنواميس الدهر وتقلباته. أعترف لكم سعادة السفير فايرستون بأنني أكاد أفقد شوكة الميزان الضابطة للعلاقة بين الشأن الداخلي والدعم الخارجي لليمن.. يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، كما بآخرين أقرب إلينا من حبل الوريد ، وأخشى ما أخشاه كغيري من اليمانيين التواقين للخروج من نفق الظلام .. أخشى ما أخشاه أن تتحول تجاذبات الحلفاء والأصدقاء حول اليمن إلى سبب لانتشار أجندات إقليمية ودولية ضارة بالتغيير وسيادة الدولة، وكثيراً ما يحضرني النموذج اللبناني الذي حول التوافقية المأمولة إلى طائفية مقيتة تستلب المواطن هويته، وتختم عليه في خانة مسبقة التحديد. لنجد أنفسنا في نهاية المطاف أمام كانتونات طائفية يقودها أمراء حرب اعتياديون ، وإن تدثروا بأحدث الياقات، وكثير من الكلام المخاتل. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك