(1) .. لو راجعنا الثورات التي قامت في الوطن العربي خلال السنتين الماضيتين لوجدناها تتركز في المناطق التالية : تونس ومصر وليبيا واليمنوسوريا وقد لحقتها العراق حاليا .. ودعونا من اختلافنا حول ان ما جرى ويجري هل هو ثورات أم احتجاجات أم هو من باب الانتفاضات الشعبية أم هي أزمات إلى غيرها من المسميات الأخرى ، لكنها في نهاية المطاف كلها تدور حول هم أكبر وهو التغيير. لكن لماذا هذه البلدان دون غيرها ؟ التاريخ قد يمدنا بملامح الإجابة فدعونا نراجعه.. (2) ..ودعونا نبدأ بهذه الدول واحدة واحدة ، فتونس اليوم هي موطن حضارة قرطاج الشهيرة التي كانت في القرن التاسع قبل الميلاد والتي أسسها الفينيقيون الذين جاؤوا من مدينة صور اللبنانية ،واستطاعت قرطاج أن تمد سيطرتها على البحر المتوسط حتى صقلية مما أدخلها في حروب مع روما في القرن الثالث قبل الميلاد والتي عُرفت بالحروب البونية ، وظهر فيها القائد القرطاجي هانيبال ( يسمى أحيانا هنيبعل ) لكن النصر لم يكن حليفه في آخر تلك الحروب فانهزم أمام روما لتصبح قرطاج مدينة من مدن الإمبراطورية الرومانية .
(3) ..أما مصر فحضارة وادي النيل الفرعونية غنية عن التعريف بما خلفته من آثار ما تزال شاخصة حتى اليوم في الأهرامات وتماثيل أبي الهول ومعبد أبي سمبل وسقارة وغيرها من الآثار الشاهدة على تلك الحضارة التي بدأت قبل سبعة آلاف سنة وفي عام 3100 قبل الميلاد وحّد(مينا) الوجه القبلي مع الوجه البحري ثم تتابع الملوك بعده على وادي النيل صانعين واحدة من حضارات الدنيا الخالدة … (4) .. أما يمننا السعيد فهو الآخر غني عن التعريف ، وهل يُعرّف البلد الذي بنى السدود الأولى في التاريخ ؟ ولنا في كتابات الأستاذ/ محمد حسين الفرح العزاء الكثير في توثيق تاريخ هذا البلد، حيث يمثل الرجل امتداداً للسان اليمن الحسن بن احمد الهمداني المؤرخ الكبير صاحب الإكليل. فاليمن ذات حضارة تصل إلى تسعة آلاف سنة منذ نشأة الدول الحضارية الأولى في الجزيرة العربية وخارجها- حسب روايات الفرح- ولا ننسى أخبار التبابعة اليمنيين الذين وصلوا حتى أطراف المعمورة ، وما تركه الأولون من أثار سبئية ومعينية وحميرية وقتبانية وغيرها دليل على العمق الحضاري لهذا البلد من سدود ومعابد ما تزال بقاياها شاخصة رغم ما لحقها من نهب وإهمال مثل سد مأرب القديم ومعبد بلقيس وغيرها .. (5) ..أما حضارة سوريا القديمة فقد تنوعت ما بين بابلية و حضارة الفراعنة الذين سيطروا عليها حيناً من الدهر في الألف الثانية قبل الميلاد ولا ننسى الأشوريين والكنعانيين التي أسست مملكة (عبلاء) ومملكة (يمحاص) و(أوغاريت) ،وكان للفينيقيين توسع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط ومنه انطلقوا حتى وصلوا إلى قرطاج (تونس الحالية). وكان للكلدانيين وجود على أرض سوريا في عهد ملكهم نبوخذ نصر الثاني (597-586 ق.م) الذين استمرت مملكتهم حتى الغزو الفارسي سنة 593 ق.م. (6) ..وها هو العراق ينضم إلى قافلة (الثورات) في الوطن العربي ، وغني عن التعريف تاريخ العراق صاحب الرافدين (نهري الفرات ودجلة ) فعلى ضفافيهما تأسست القرى الزراعية الأولى منذ السومريين في أوائل العصر البرونزي عام 3500 ق.م ، إلى جانب الأكاديين و الأشوريين ولا ننسى حضارة بابل العريقة - بقوانين حامورابي الشهيرة -التي شملت العراق وما حوله.. كل هذا حتى لا نستغرب لماذا قامت حركات التغيير في هذا البلدان بالذات … رابط المقال على الفيس بوك