في الطائرة، بادرتني بعض ملامح سلطنة عمان، قبل أن نصل إليها.. ربما بحكم قراءتي عن هذا البلد الشقيق الرائع.. وربما أيضاً من فرط إعجابي بمسيرة النهضة التنموية والحضارية التي تشهدها جنباته.. وربما بالحالتين معاً انتابني هذا الشعور وكأنني أعرف سلطنة عمان عن ظهر قلب، بينما الحقيقة هي أنني لم أزوها إلا مرة خاطفة..! كانت البداية في مطار السيب الدولي.. بصالة تسلم الحقائب، حيث لم نمكث إلا برهة، بفضل النظام والدقة في العمل وسلاسة الإجراءات وسرعتها.. ومن بوابة الخروج شعرت بسرور بالغ وأنا أطل على العاصمة (مسقط)..! استويت مقعدي بجانب السائق الذي سرعان ما ثبت حوله حزام المقعد، وقد يكون هذا أمراً مألوفاً في حركة السير والمرور، لكني لا أخفي أنه لفت انتباهي، وقادني إلى تفسيره بأكثر من معنى ودلالة، تعبر عن ثمة نظام دقيق ينظم حركة الحياة العمانية.. لهذا فعلت مثله وفي نفس اللحظة، حتى أوحي له بأن الأمر مألوف وعادي في أي بلد..! وواصلنا المسير إلى قلب «مسقط» حيث يقع فندق شيراتون عمان – بمسافة (40) دقيقة من المطار، وفي طريق معبدة تحيطها المساحات الخضراء، المطرزة بالأشجار والورود المتجاورة في نسق منتظم، وبينما كان نظري معلقاً بجمال الطبيعة، وبالبنايات والجسور العملاقة الحديثة، إلا أن سرعة (السيارة) التي تجاوزت المائة كيلو، قطعت استرسالي فسألت (السائق): لماذا كل هذه السرعة؟! قال ببساطة: «نظام السير هكذا لأن السير ببطء ممنوع»، ولم أستوضحه عن معنى هذا .. بل تركت لنفسي البحث عن تفسير وإجابة أو معنى لهذه القاعدة.. فوجدت أن الطرق معبدة تخلو من أي مطب أو (حفرة) وأن قيادة السيارة ممنوعة إلا لمن تجاوز كل الامتحانات الصعبة والمعقدة لإدارة المرور مهما يكن وأياً كان.. وأن قواعد وإشارات المرور محددة للسائقين والمشاة وملزمة للجميع بدون استثناء، وهناك رجل المرور الذي يقوم بواجبه على أكمل وجه ببزته الرسمية المكتملة والنظيفة.. وبالمناسبة أثناء تجولنا لاحظنا رجل المرور يؤدي إشارته المعتادة بيده، بينما لا يوجد في الطريق إلا قليل جداً من السيارات.. فسألناه لماذا يؤدي إشارة المرور في طريق بدون زحمة سيارات قال: إن هذا واجبي أقوم به وفقاً للنظام، وعدم وجود زحمة سيارات في هذه الطريق لا يعني أن أتقاعس عن واجبي أو أن أخالف النظام..!، هكذا إذن بكل هذه العوامل وجدت تفسيراً مقنعاً لسرعة «السائق المرافق» الذي كنت بجواره أستطيع أن أكتب انطباعاتي بكل هدوء وأن أتناول كوباً من الشاهي، رغم السرعة القصوى..! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك