عشرات الحوادث يومياً في طرقنا الطويلة والقصيرة، وعشرات المقالات والصور التي تنشرها الصحافة لأوضاع هذه الصور الكريهة المريعة. فلم يهتم أحد ولم تبادر الجهات المعنية لوضع اجراءات تحول دون هذا القتل اليومي لليمنيين. وسعدت أن إدارة مرور تعز بدأت - كما قالت بعض الصحف - تتخذ اجراءات للحؤول دون هذا الموت المستمر عمداً. ولما استعدَّت السيارة للانطلاق وأنا في مقدمتها بعد أن فحصها ثلاثة رجال مرور، اندفع منها الدخان، فقلت للضابط: ألم تعطِ التصريح لتسير السيارة باعتبارها صالحة للسير؟!.. غير أنه ربما شعر بالحياء فلم يجب. وعلّق أحد الركاب: ثلاثمائة ريال يا أخ كافية لاستخراج تصريح بأن السيارة خرجت من المصنع الآن!!. وفي السيارة التي انطلقت بعدها ركبت، لا يعدو عمر السائق الخامسة عشرة، نعم انطلق بنا انطلاقاً وطار بنا طيراناً، تجاوزت السرعة المائة والعشرين كيلومتراً في الساعة، فبدأت أتعرف عليه: اسمك الكريم؟!. «....». أنت سائق ممتاز كما يبدو. أنا عارف. ويبدو أنك عاقل وابن ناس. يقولون. وبقدر سعادتي بعبقريتك ومهارتك في السواقة، فأنا أخشى السرعة. لا تخف. أنت تتجاوز السرعة القانونية؛ وأنا عندي قلب. أخي نشتي نخزن من بيت الكوماني. «ملاحظة الساعة كانت تشير إلى الثامنة والنصف صباحاً». كنت أشعر بأن السائق يبدي تذمره حين أحاول أن ألفت نظره بنظري إلى مؤشر السرعة، لسوء حظي أننا صادفنا حادثين، أحدهما انتثر ركابه في الطريق، والآخر انكفأت السيارة تحت «قلاب كبير» وجدتها مناسبة لأقول: هذه عاقبة السرعة. قال الشاب السائق بهدوء وبرود أعصاب: هؤلاء لا يعرفون فن القيادة!. ذقت الخوف بأقصى نكهاته، وتمنيت أن يعدّل قانون الدية ليكون الإعدام للسائق المتهور، وتمنيت أن نشتري كاميرات في الطرق لتنزل عقوبة مصادرة السيارة وليس الرخصة للسائق الذي يتجاوز الحد المعقول للسرعة.