عندما كتب “برتولد برخت” مسرحيته السيكولوجية “بونتيلا وتابعه ماتي” لم يعتمد على ثنائية الإقطاعي النبيل “بونتيلا”، المُحب للناس والمتودد لهم من جهة، وتابعه “ماتي” الخدوم كالمريدين من جهة أُخرى.. لم يتوقف برخت فقط عند هذه الثنائية، بل استتبعها بازدواجية الإقطاعي “بونتيلا” الذي يحب الناس ظاهراً، غير أنه يتحول إلى وحش كاسر إذا ما طالت المحبةُ الظاهرة مصالحَه الإقطاعية. نجح برخت في إظهار الفصام الشخصي للإقطاعي من خلال الاستعانة بأداة خارجية تُجلي دواخل البشر.. تلك هي الخمرة التي تجعل بونتيلا لطيفاً وهو في حال سكره، لكنه سرعان ما يستفيق من سكرته إذا أحسَّ بالخطر على مصالحه، فالسُّكر شاهد حال على باطن بونتيلا، والخزرجي السكران بمنعشات ظاهره، يستعين بسكره “الصوفي” ليكون خير معين لنساء القرية المحرومات من أزواجهن، كما لو أنه “تيس في زريبة”. ها نحن أمام مسألة إشكالية بحاجة إلى مناقشة حقيقية، خاصة وأن رواية مروان الثانية بعنوان«الخزرجي»، تعج بأسماء كبيرة في صوفية العرفان والدربة، كالحلاج البوَّاح، والنفري الصدَّاح، وابن عربي الفوَّاح، والسهروردي اللَّماح، وأمثالهم من أصحاب الراح والأتراح.. هذه الكوكبة من الأسماء يصعب استسبار عوالمها في نص واحد، كما يستحيل تجيير رؤاها على حالة الخزرجي وأمثاله. وعلى خط متصل نتصادف مع فولتير وتروتسكي وبافلوف وهمنجواي، وآخرين، وفي كل إشارة لهذه الأسماء نقف على لطيفة من لطائف رؤاهم ومناقبهم التي تعيدنا إلى جملة من الأسئلة المفاهيمية النابشة لحيوية الوجود ونواميسه الثابتة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك