بعد أن كثرت حوادث الشغب والاختطاف والتحرش والنهب والاقتتال أصبح من الضروري تفعيل خطوط الاتصال المباشر مع المواطنين وإعداد خطط أمنية تفاعلية معها بحيث نضمن السيطرة على الحالة مع ضمان عقوبتها المعلنة أيضاً وبما يمنح الفرصة أمام بنود كثيرة من القانون للخروج إلى النور بعد أن قيدتها الفوضى وعدم الإحساس بالمسئولية زمناً لا بأس به من عمر تاريخنا التنظيمي والتوعوي في مجال سيادة القانون.. والحقيقة أن المسألة لا تتوقف فقط على تفعيل نصوص قانونية جامدة بل أن الضرورة الملحة تحتم وجود يقظة شعبية كاملة تؤيد تطبيق القانون وتسهل إجراءاته عملياً وبما لا يترك أثراً سلبياً على سير الخطة المجتمعية العامة التي تهدف إلى إلغاء مظاهر التمييز والانتقاء في الاستجابة الخدمية خلال سنوات طويلة ماضية. إن وجود قناة مفتوحة بين المواطن والحكومة قد يضغط بشدة على بعض مظاهر الانحراف والعنف والشللية التي ظهرت مؤخراً وبأكثر من صورة كنتيجة طبيعية للانفلات الأمني وتوقف الجهاز الرقابي عن أداء وظائفه بالشكل المطلوب، لكن الوضع اليوم أصبح مختلفاً بعد أن أدرك الجميع خطورة الوضع القائم وأهمية التبليغ عن أي تحركات أو مظاهر دخيلة أو طارئة على المستوى المرئي كأبسط وسيلة لتقييم تلك الطفرات السلوكية الغريبة وهذا يتطلب بالطبع خطة توعوية شاملة وتعاون شعبي منقطع النظير فقد لمسنا بوضوح حالة الاستغلال التي تعرض لها المجتمع عبر نقاط الضعف التي يشكوها وكان من أهمها الجهل واللامبالاة وعدم وجود جهاز توعوي مجتمعي نشط يجعل المجتمع مادته الحية التي يحرص على تغذيتها بكل وسائل الدفاع الذاتي والمعنوي ضد تلك النزعات المتطرفة حديثة الظهور في مجتمعنا، لذا فإن وجود خط التواصل سيخفف عبء اضطلاع الأجهزة الأمنية بحماية المجتمع أو الوطن بشكل أعم وأدق ولا أعتقد أن الدولة ستخسر الكثير من الجهد أو المال لتقديم هذه الخدمة، والمطلوب أن يتعامل أصحاب القرار مع الوضع القائم وفق قانون طوارئ استثنائي لا يحمل المفهوم التقليدي لقانون الطوارئ الذي يعطي الأولوية لكل الخيارات السياسية دون أن يلتفت بجدية للجانب الإنساني خاصة حين يتعلق الأمر بخلفية ذات موازين شخصية لا تحمل أي مدلول لتفاعل التشريعات الإنسانية الخارجية مع مجتمعي تشريحي ذو نواه بنيوية معقدة، والحال عندنا لا يختلف ولا يتميز حرباً وسلماً، جهلاً وعلماً، لذا كان التركيز على تنمية المجتمع وتوعيته ورفع مهارة التمكين لدى إعلامه الناشطة في هذا المجال من الأسس الهامة لبناء قاعدة الإدراك والشفافية التي تبدأ ببناء الفرد ومن ثم استخدام خبراته المصقولة في تصحيح المسار وتعزيز الرغبة في إدراك الأهداف. الكثير من الجرائم التي هزت المجتمع في الآونة الأخيرة كانت بحاجة لمن يبحث عن جذورها الصغيرة تحت تربة اللامسوؤلية ونكاد نجزم ووفق إحصائيات محلية وإقليمية وعالمية أن الجرائم التي تبقى خلف الأستار يفوق عدد تلك التي تظهر بوقاحة وبكل تفاصيلها المزرية، بينما لم يكن الأمر بحاجة إلى الكثير غير تلك العين الساهرة على أمن المجتمع سواءً من الدولة أو أجهزتها التنفيذية المختلفة بعد رقابة ذاتية ومنزلية جادة وصارمة، ومع هذا نرى أن بالإمكان تدارك الوضع مستقبلاً عبر تفعيل خطوط التواصل مع الجهات ذات العلاقة في حال حدوث أي سلوك يثير الشك والريبة في النفس العاقلة، والمعلوم أن هناك خطوطاً ساخنة قد يعرفها البعض ويجهلها آخرون، لكنها غير نشطة وغير مفعلة والمطلوب هو إدخالها حجرة الإنعاش لإحياء دورها الفاعل من جديد. رابط المقال على الفيس بوك