في يوليو 2012 وبمناسبة ذكرى اجتياح الجنوب كتبت في صحيفة التجمع مايلي : (ما الذي جعل المزاج العام في الشارع الجنوبي مزاجاً انفصالياً بامتياز وهو نفس المزاج الذي اندفع بعاطفة جياشة نحو الوحدة الاندماجية الفورية في مايو 90؟ وهل لعبت النخب السياسية دوراً مؤججاً في تعكير المزاج الوحدوي وجعلت من الصوت الصاخب الداعي إلى استعادة الدولة الجنوبية(جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) يهيمن ويوجه الخطاب الشعبي نحو المطالبة بفك الارتباط؟ نعلم إن7/7 تاريخ مشئوم ليس لأهلنا في المحافظات الجنوبية وحسب، وإنما للتاريخ السياسي والنضالي للحركة الوطنية، لأن هذا التاريخ كرس الهيمنة للطرف المنتصر بأدواته المتخلفة ليصادر ويتفيد دولة بكامل مكوناتها وإرثها الثقافي ومكتسباتها الاجتماعية مدعوماً بخطاب الفتوى والتقديس للوحدة من طرف سياسي قوي لم يزل يلعب دور الحاضن (للفتوى) متناسياً أن الوحدة ليست فعلاً عاطفياً مقدساً وإنما شراكة ومصالح بين طرفين من حق الطرف الذي يشعر بالغبن والظلم أن يعيد حساباته بذلك. الطرف الذي كان شريكاً أساسياً في اجتياح الجنوب في صيف94 وهو اليوم في الجهة الأخرى من المعادلة السياسية(ونعني التجمع اليمني للإصلاح) وعليه أن يعتذر بشكل علني عن فعله(المشين) ولا يكتفي بتماهيه الإعلامي مع خطاب المشترك المتبني للنقاط الاثنتي عشرة التي تقدم بها الحزب الاشتراكي (الذي لم يزل حاضناً الحراك السلمي )في محاولة منه لتوجيه رسائل تطمين أكثر من تقديمها كعصا سحرية لحل المشكلة التي تراكمت عليها فظائع السنين وأهوالها في حق شعب نكب بكل أصناف القهر من قبل سلطة غاشمة عمدت إلى تدمير قيمة الوحدة من نفوس الناس وأرواحهم المطمئنة.) الكلام المكتوب في يوليو الماضي انتهى هنا وما سيضاف إليه اليوم أن استعراض الإصلاح بعدن يوم الخميس 21/فبراير بمرور عام على تنصيب الرئيس، وما استتبعه من أعمال عنف مفرط من قبل قوات الأمن ضد المواطنين ، تجعلنا نفترض الكثير من الأسئلة. يأتي على رأسها :لماذا اختار تجمع الاصلاح وسلطته في عدن، ذات المكان والزمان الذي حدده الحراكيون لإقامة فعاليتهم؟ وكان من الحكمة والفطنة السياسية للحزب أن تلغى هذه الفعالية، لأن الإعلان عنها خلق حالة من الانقسام الشديد وتسبب في مشادة بين أحد قيادته وأعضاء من المحافظات الجنوبية في اللجنة الفنية للحوار، علق على إثرها الأعضاء الجنوبيون عضويتهم في اللجنة ، وكان يكفي قراءة هذه اللحظة بوعي سياسي لاستخلاص إلى أين تتجه الأمور في حال إقامة الفعالية ؟. كان أمام الإصلاح فرصة أخرى تبعده عنه الحرج بنقل الفعالية إلى مكان آخر (مادام قد تورط في التجييش والتحشيد)، وسيكتسب بفعلته هذه احتراماً شعبوياً ممكناً، وربما جنب البلاد برمتها الدخول في لحظة إرباك سياسي شمالاً وجنوباً. غير أن المكابرة والاستعلاء الأجوف قاد الأمور إلى اللحظة التي جعلت الشارع برمته يقاربها بوصفها فعلاً تراكمياً لما بدأه الإصلاح في صيف 94، حين كان رأس الرمح الملتهب في غزو صالح وتحالفه العسكري للجنوب. كنا بالأمس نطالب الاصلاح بالاعتذار عن فتوى شيوخه باستباحة الجنوب، فهل سيقبل الجنوبيون اليوم باعتذار مضاعف عن أحداث الخميس الدامي ومتبوعاته؟؟ [email protected] رابط المقال على الفيس بوك