يعرف القاصي والداني أن اليمن نالت مثابة استثنائية في زمن “ الربيع العربي” المشفوع بالحيرة والمتاعب والآلام، وقد كانت العوامل الإقليمية والدولية فاعلة في تضاعيف الربيع اليمني الذي لم يثمر بعد، وقد كان فرقاء الساحة اليمنية من الحكمة والتبصُّر، بحيث استبعدوا الحل بالحسم، ومالوا للتصالح الملغوم بالتناقضات والتقاطعات السلبية. وفي هذه اللحظة بالذات تنشأ الانعطافات الدراماتيكية في معادلة التوافق التي يفترض أن تكون سبباً للتغيير، لا العكس. وفي قمة المرئيات، بل الاستحقاقات العاجلة يبرز مؤتمر المصالحة الوطنية بوصفه نقطة الانتقال الحاسمة نحو تأسيس الدولة «الغائبة» بهذا القدر أو ذاك. أقول: الدولة الغائبة أو المُغيَّبة، لأن مرحلة الانتقال العسيرة أنتجت المزيد والمزيد من الاخفاقات المحكومة بافتعالات ومناجزات شاخصة البيان، تديرها آلة الخفاء والتخلف. يتمترس أُمراء حروبنا العصبويون الفولكلوريون في مواقع رفضهم العدمي لمنطق التاريخ والحياة، ويتوهَّمون أن بوسعهم ايقاف العجلة التي دارت بقوة دفع دونها نواميس الدهر ومكر التاريخ؛ وعلى درب متاهاتهم تتقاطر تلك الأفئدة الخابية، والقلوب المهزومة بانخطافاتها السريالية وكأنها خارجة من أضابير الاحلام وأضغاث الأحلام. هؤلاء هم من يُعاقب الجماهير الغفيرة بقطع الطرقات وتخريب الخدمات، ونشر روائح القتل، والتوحُّد مع المقابر. إنهم خفافيش الظلام القادمين من أوكار الخفاء.. الناشرين صناعة الموت، وغير القابلين بالحياة. لهذه الأسباب ما زال ربيعنا غير مثمر، وما زالت المراحل طوال، و«عاد وجه الليل عابس». [email protected] رابط المقال على الفيس بوك