منذ الآن وحتى تبلوُر وإعلان مخرجات الحوار الوطني سيبقى اليمنيون والعالم في انتظار ما ستحمل إليهم سفينة الحوار من تباشير تعيد إلى نفوسهم القلقة الطمأنينة وإلى حالة الضياع والشتات التي يعيشونها الاستقرار والأمان. وحتى ترسو سفينة الحوار على شواطئ الأمل ، لا بد من الاعتراف بأنها ستواجه عديدًا من الإشكالات والصعوبات، بل سيتنازع بحّارتها الاختلاف والتباين وستستبد ببعضهم الأهواء والرغبات الجانحة، لكن المؤمل عليهم خلال إبحارهم على سفينة الحوار بأن يتفقوا على حلول تضمن للجميع الحفاظ على سفينة الوطن من تلك الرياح العاتية والعواصف الهوجاء وقساوة التقلبات المناخية وبما يمكنهم من تجاوز هذه الظروف القاسية والأحوال الصعبة استجابة لتطلعات الملايين من بسطاء هذه الأرض وهم يحلمون بما ستحمله إليهم هذه السفينة من دُرر الآمال المنشود وجواهر الطمأنينة وغذاء الروح بأن مستقبل الوطن في خير، بل لعل ما يدعو على الاطمئنان أكثر أن ربان السفينة الرئيس عبد ربه منصور هادي يقود دفتها بحنكة وحكمة واقتدار، خاصة في خضم هذه الظروف العصيبة والاستثنائية التي تقذف بالسفينة يسرة ويمنة شرقاً وغربا، حيث سيكون الأخ رئيس الجمهورية مرجعية توجه هذه السفينة إلى خطها الآمن إذا ما انحرفت عن مسارها الصحيح وإذا ما حاول أحد بحارتها أو فئة منهم خرق جانب من أجزائها وذلك من خلال التذكير بأن السفينة ليست ملكاً لطرف بعينة وإنما تهم كل أبناء الوطن وأن أي ضرر فيها إنما سيلحق فادح الضرر بالجميع دون استثناء. أما وقد أبحرت سفينة الحوار ، فليس من خيار أمام بحارتها غير مواصلة الرحلة وتحمل أعباء مشقتها ودون التفكير – ولو للحظة واحدة – بالعودة إلى الوراء لأن ذلك يعني النكوص لتطلعات الملايين من أبناء هذا الوطن ممن يحلمون ويتطلعون إلى اقتراب لحظة وصول السفينة إلى شواطئ الاستقرار. ونحن نتطلع إلى هذه الرحلة ، ينبغي أن لا ينسى بحارة السفينة ممن اختارتهم مختلف التكوينات اليمنية بعناية شديدة ، ينبغي أن لا ينسوا وهم ينطلقون في رحلة الحوار أن أفئدة اليمنيين عموماً تحلق على مقربة منهم وتراقب أداءهم وتتفاعل مع أطروحاتهم وسجالاتهم وذلك في واحدة من ملاحم تاريخ اليمن الحديث الذي ارتضى فيه الجميع الاحتكام إلى أسلوب الحوار وأطلق سفينة الإنقاذ وصولاً إلى حياة حافلة بالرخاء والازدهار ومغادرة مربعات الماضي بكل تجاذباته ومراراته وتحقيق تطلعات المواطن في ترسيخ قيم العدل والحرية والمساواة والديمقراطية وتجذير مبادئ حقوق الإنسان وسيادة النظام والقانون ومغادرة حالات الاستلاب والعشوائية والاتكالية وتأمين ضمان الحياة الكريمة وتسخير الموارد بما يعود بالنفع والرخاء على كل أبناء الوطن دون استثناء أو تمييز. وإلى أن ترسو سفينة الحوار على مرافئ رحلتها الأخيرة، سيبقى الجميع يتمنون على بحارتها بأن يغلَبوا مصالح الوطن وبأن يتناسوا النزعات الضيقة والمصالح الأنانية والولآءات الحزبية والمناطقية الضيقة باعتبار أن الغرق في مثل هذه السجالات العقيمة سيؤدي – بالنتيجة – إلى انشغال البحارة عن مهامهم الاستراتيجية في التوصل إلى صياغة عقد اجتماعي جديد يكفل الخروج من أسر تلك التداعيات والنزاعات إلى فضاء حقائق جديدة تؤكد قيام دولة العدالة والنظام والقانون الذي يقف الجميع تحت ظلاله أحراراً .. فهل يفعلها بحارة سفينة الحوار وهم يخوضون غمار هذه الرحلة العظيمة والشاقة بامتياز؟ أم أنهم سيغرقون عند أول تحدٍ يواجهونه؟! رابط المقال على الفيس بوك