الاهداء الى روح الصديق النبيل الراحل (محمد محمد جبلي هارب) الذي نذر نفسه لصوت الحق في تهامة عديد الزيارات التي قمت بها الى معظم مديريات ومناطق محافظة الحديدة وقليل من محافظة حجة خلال السنوات السبع الماضية قربتني جدا من صورة المكابدة الخرافية للإنسان التهامي في البر والبحر، فإن كان صيادا ومرتادا للبحر فقد عوّد اسرته واهله واصدقاءه ويقَنهم انه قد لا يعود اليهم ليس لقضاء البحر وحده وانما لمخاطر القرصنة والاحتجاز في دول الجوار وان عاد قد يعود خالي الوفاض بسبب التجريف الجائر للأسماك والاحياء البحرية بواسطة سفن اصطياد كبيرة تجوب المياه الاقليمية بشكل غير قانوني وتأتي على الاخضر واليابس من مكنونات الماء دون ان يجد هذا الصياد دولة قوية تحميه وتحافظ على كرامته وعلى حقها مثل بقية البلدان. في قرية (ابو زهر) في مديرية الخوخة (وهي واحدة من اجمل مناطق الساحل الغربي) جابهتنا مشكلة حقيقية ونحن نقوم بالإشراف على صرف اعانات مشروطة لطالبات التعليم الاساسي في بعض مدارس المنطقة في ديسمبر2012 حين اكتشفنا ان 90 % من الاوصياء المفترض قيامهم باستلام هذه المخصصات غير موجودين في منطقتهم فهم اما في عرض البحر من ايام طوال لم يعودوا بشقائهم واما مفقودون لا يعلم اهلهم عنهم شيئا واما مختطفين من مدة طويلة لدى قراصنة يجوبون المياه بكل حرية والبقية محتجزون مع قواربهم لدى السلطات الأريتيرية من سنوات. ومثل معاناة هذه المنطقة توجد عشرات القرى ومناطق الصيادين التي تعاني ايضا من ذات المشكلة. الاراضي الخصبة التي تتواجد في مصبات اودية (مور وسردود وسهام وزبيد)وضفافها الواسعة لم يعد لإنسان تهامة الحقيقي من صلة حق بها بل صار أجيرا عند ملاكها الجدد من اصحاب البيوتات التجارية والقادة العسكريين والمشائخ والمتنفذين والسماسرة من ابناء المحافظة الذين تربطهم بالمركز علاقات مصالح، بعد ان كان هو مالكها الحقيقي. استغلت السلطة تسامح وطيبة ابناء تهامة طيلة عقود لتجردهم من حقوق المواطنة التي تبدأ اولا بالأرض ،حين اقتطعت الآلاف من الكيلو مترات من الاراضي الزراعية والعقارية في محافظة الحديدةوحجة لتقوم بتوزيعها على مراكز القوى كتعويضات عن منازعات وخصومات على اراضٍ في صنعاء ومدن اخرى او توزيعها كهبات وهدايا على المقربين من مركز العائلة او بيعها برخص التراب وكثير بانتزاعها من اصحابها بأساليب قذرة لتتحول الى اقطاعيات زراعية لم يشق الحاصلون عليها يوما بمتر من الطين فيها. تهامة التي تتصدر بقية المحافظات بنسب الفقر المرتفعة وتدني الخدمات التعليمية والطبية من حقها ان تنتفض ضد الحرمان والتهميش والمصادرة واستعادة حقوق مواطنيها المنهوبة ، ومن حق نشطائها التعبير عن قضيتهم بكل وسيلة وتعبير سلمي يضمن لهذه القضية التعاطف والدفاع عنها. غير ان الانجرار وراء شعارات الشحن المناطقي وخطاب الكراهية ضد بسطاء المحافظات الاخرى سيفقد القضية نبلها وقد تقود الى عنف حقيقي.. عمل انسان تهامة البسيط طوال تاريخه على النأي بنفسه من اتونه الحارقة..خصوم القضية واعداؤها ليس هم الباعة الجائلون ولا العمال الذين يقدمون الخدمات لأبناء تهامة في المطاعم والبوفيهات والمتاجر ولا موظفو المؤسسات العامة ولا حتى رأس المال الوطني غير المتورط في النهب والافساد. اعداء القضية معروفون ومعروفة عناوينهم ومنهوباتهم المنقولة وغير المنقولة عند ابناء تهامة انفسهم. اختم هنا بأبيات قليلة من قصيدة الراحل الكبير الصديق حسين غالب العليي التي حملت عنوان(ادانة) أنا من بلادٍ تسمى تهامة أٌحبٌ الأمان واهوى السلامة وما قيل يوماً قطعتُ طريقاً ولا قيل يوماً خطفتُ حمامة ولا قلت منا امير ومنهم امير إلى ان تقوم القيامة دفعت فواتير كل العصور وما زلت أحيا عصور الإمامة أنا في بلادي شبيه الغريب وكلُ البلاد لتلك القمامة وكل البلاد تعاني حروباً كحرب البسوس وحرب اليمامة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك