من الغريب جداً أن “الإخوان المسلمين” في مصر، رغم عمرهم المديد - ولدت الحركة في 1928م أي أن عمرها يقارب ال 85 سنة، وعاصرت العديد من الأنظمة، والأحزاب في مصر، وعاصرت التحولات الهائلة خلال هذه الفترة من التاريخ على مستوى مصر، وعلى مستوى الوطن العربي والإسلامي، وعلى مستوى العالم.. لقد كانت سنوات “الإخوان المسلمين” خصبة في التحولات القطرية والعربية والإسلامية، والدولية، ومع ذلك “فهم هم” قبل “85” سنة.. أي كما هم في 1928م.. “حجر صورع” كما يقول المثل اليمني “والحجر الصورع” هو من حجار السوائل الصماء لا يمكن نجارته، ولا تسويته، ولا تشكيله، أو تشذيبه، وتهذيبه بحيث يكون صالحاً للاستخدام المفيد. كنا نحب أن يقدم “الإخوان” في مصر نموذجاً للحكم مغايراً عما هو متوقع منهم، وعما كان قبلهم.. وكنت بعد نجاح “محمد مرسي” في الانتخابات كرئيس لمصر، قد كتبت في هذا العمود في “الجمهورية” الصحيفة الغراء.. أن “مرسي” أو كشخص “ يرأس مصر” سوف يصطدم بالعديد من المعوقات، والعراقيل ولن تستقر لهم الأوضاع، أو “الحكم” بحكم معرفتي بهم، وعدم استفادتهم خلال تجربة “85” سنة، لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا اجتماعياً، هذا من جانب، أما الجانب الآخر حين خرجت لإسقاط نظام مبارك، لم تخرج كي تعود إلى انكفائها من جديد، والتسليم لأي قادم إلى الحكم، وهو مالم يدركه الإخوان الذين من أول وهلة لصعود الرئيس “مرسي” إلى الرئاسة حتى باشروا من خلال “مرسي” إعادة تفصيل الدولة على مقاسهم، ويصوغونها بما يحقق لهم احتكار السلطة، وإلى الأبد، دون تفكير أن مثل هذه التصرفات ستقلب الشارع المصري رأساً على عقب، أو على رؤوسهم!!! في 3/23 يوم الجمعة بالتحديد خرج المصريون في معظم المحافظات في ثورة عارمة على مقرات “الإخوان” بما فيها المقر الرئيسي في “المقطم” وقد هوجمت العديد من المقرات، وحدث فيها الخراب، والدمار، والإحراق، وكان الشارع يندد ب «مرسي» ويدعو إلى إسقاط “حكم المرشد”. التصرف، والسلوك، والإجراءات التي تمت خلال الفترة القصيرة أدت إلى ردود فعل كبيرة، واصطدامه بالشارع العام أحزاب، ومنظمات ومستقلين، وكذا بالقضاء، والنيابة، والكنيسة، وكانت آخر ما قصم ظهر البعير إعطاء، أو تفويض الشارع بالضابطية، وكأن الداخلية والأمن لا وجود لهم، وكذا كأن الجيش لا وجود له.. وإعطاء الضابطية للشارع “للمواطنين” كان عبارة عن إطلاق يد أعضاء الإخوان المسلمين على الشعب، وجعلهم خصوماً، ومدعين، وقضاة، ومنفذين للأحكام.. وهذه هي الفوضى بعينها، وهذا ما أثار حفيظة عدد كبير من ضباط وأفراد الأمن.. وإذا كان الجيش بعيداً حتى الآن.. فتدليس ونفاق ومجاملة الإخوان لهم لا يعني أنهم سيظلون مكتوفي الأيدي.. فحين يكون الفتنة سيجد الجيش نفسه مضطراً للانحياز إلى الشعب ومصلحة مصر، ولن يتأخر عن القيام بدوره.. فهل يسقط حكم الإخوان!! رابط المقال على الفيس بوك