الفعل الثوري الذي انطلق في 11 فبراير 2011م كان ناتجا عن وعي بالمرحلة التي أوصلت حال المواطن اليمني على كافة المستويات إلى عنق الزجاجة ، ومع ذلك لم يكن الوعي بالمرحلة القادمة كافيا للاستمرار ، لذلك قبيل محرقة ساحة الحرية كان موجودا العديد من المنتديات للتوعية في ساحة الحرية/ تعز، بغرض توعية الشباب و كل من يرغب بالتوعية ممن التحق بالثورة. أتذكر منها الآن المركز الإعلامي ، ومنتدى آفاق التغيير ، ومنتدى المبدعين ، ومنتدى الحرية والتغيير وخيمة( نحن الشباب) ، وكانت التوعية سارية على أشدها سياسيا وثقافيا بكل ما يتعلق بالثورة ، وما يلي الثورة من فعل البناء للوطن للوصول إلى مشروع مدني ودولة مدنية ...كنت أرى في ساحة الحرية -التي توزعت أنشطتها بشكل لافت – منبرا لدولة مدنية حديثة ليس قولا بل فعلا ينطلق من كل الخيام ، ويوم المحرقة كنت أحاول استكمال تحقيق لم يخرج إلى النور بعنوان ( البيئة الثقافية في ساحة الحرية )، ولكنني ختمت ذلك اليوم في مستشفى الصفوة في تصوير جرحى الهجوم الشرس الذي كان عامدا لإحراق ساحة الحرية الذي أحرق خيامها بالفعل ، وقتل بعض شبابها ، وجرح الكثير منهم ، لكنه لم يستطع إحراق الإرادة المتوقدة في قلوب الثوار. إحراق ساحة الحرية كان يستهدف في أغلبه الوعي الذي كان ينتشر بين الشباب يوما بعد يوم ،وهو الأمر المرعب للسلطة آنذاك ... فالخيام التي كانت تنشر التوعية كانت زاخرة بتوافد الحضور إليها من كافة المستويات الثقافية ، وهو من وجهة نظري أمر من الصعب تكراره بذلك الحماس والإيمان وحب العمل الطوعي ... ما جعلني أكتب في هذا الموضوع هو الاعتراف بأن النظام آنذاك استطاع وبأيدٍ تعزيّة - وأخرى حاقدة على تعز - تخدم النظام اختراق هذه المرحلة المهمة في حياة أبناء تعز لتحطيم الوعي الذي بدأ يتشكل لدى العامة وخوفا من أن يصل الوعي إلى قمة النضج ، وماحدث بعد محرقة ساحة الحرية من تخوينات متبادلة ، وإطلاق الرصاصة بدلا عن الكلمة كان هو النجاح الحقيقي لضرب الوعي المدني الذي عملت الساحة على بنائه منذ انظلاقة الثورة . لذلك إذا أردنا الاستمرار بالفعل الثوري الواعي من خلال العمل والبناء ورفض الفساد وإحداث نقلة نوعية في جميع مؤسسات الدولة علينا ألا نغفل عن الوعي الثقافي المجتمعي والمؤسسي ...فالثورة ليست مجرد مسيرات وخيام تُنصب وشعارات تُردد وشخصيات تُكرّم...الثورة قيم ومبادئ فعلية تنويرية ينبغي أن تحل محل القيم التي ترسخت قبل الثورة من فساد ورشوة ومحسوبية وتزوير وسلبية وتضخيم الفرد على حساب المجتمع... إلخ، وما زالت هذه القيم مستمرة في نخر كثير من مؤسسات الدولة،لذا يجب أن تترسخ القيم التي تستجيب لروح الثورة الرامية إلى بناء الدولة المدنية ...وهذا لن يحدث إلا بما يسمى بتثوير الثقافة ،أي تغيير ثقافتنا وإحداث نقلات نوعية نعمل فيها على استبدال سُلّم قيم بقيم أخرى تهدف إلى بناء المشروع المدني لمدينة تعز ( حاضنة الثورات ومنبر التغيير) . رابط المقال على الفيس بوك