لم أكن أتوقع أن يصل القبح السياسي إلى درجة من الاستباحة لكرامات الآخرين المختلف معهم, واختلاق القصص, وابتداع الأكاذيب وتزييف الحقائق, وتزوير الوقائع, والسير في دهاليز عفنة من الفعل السياسي المجافي والبعيد عن القيم السياسية, وأخلاقيات ممارسة هذا الفعل, واللجوء بسبب الضعف وافتقاد القدرة على الاقتناع والحوار الجاد, إلى سلوك دروب مليئة بالحفر والمطبات القيمية, كوسيلة لتشويه الآخر وإظهار الذات وإبرازها على المسرح السياسي, ظناً من الفاعلين أنهم بذلك يصلون إلى مواقع متقدمة في الصف السياسي, قريبة من صناع القرار ودائرة الضوء. أن القبح الذي ظهرت به بعض الأقلام والأصوات التي صاحبت وتلت ما حدث في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار المحلي, من التجني على لجنة التسيير,وتحميل ما حدث أكثر ما يحتمل, والوصول به إلى مصاف المؤامرات والتدمير.. ويتضح ذلك القبح في شن هجمات غير منسقة وأخلاقيات العمل الصحافي والسياسي على حدٍ سواء, فقد اكتسبت تلك الهجمات بكم هائل من الحقد وتصفية الحسابات مع شخص لا حزب ينتمي إليه, ولا قوة اجتماعية تسنده,ولا سلطة يتكىء عليها, ولا ثروة طائلة تعينه في أنشطته السياسية والاجتماعية, فكل ما يملكه هو عقل وفكر وخبره ومنهج في حياته يقف عليه ويسير وفق مضامينه القيمية التي تعلمها في سنوات انتمائه السياسي الحزبي في فترات مبكرة من حياته السياسية. أن يُشمر تحالف بحجم كبير بحلفائه عن سواعدهم, ويرسلون ألسنتهم وأقلامهم تهاجم الفقير إلى الله, وتلصق به التهم وتختلف في حقه الأكاذيب, والسير في الخصومة إلى مستوى الفجور, أمر غريب يكشف كم هذا التحالف هش وغير قادر على الحوار والمواجهات الشفافة والمنطقية والموضوعية, من جهة,ومن جهة أخرى كشفت الحملة الظالمة, إلى أي مدى هي القوى السياسية التي تقف وراء هذه الحملة, غير ملتزمة بقيم التعامل السياسي وممارسته, واعتمادها على لغة الاستقواء والتهديد, والترهيب, وكأنها ما تزال ممسكة بالزمن واستيقافه عند محطة ترضي غرورهم, وعن مشهد يعكس صورها الزائفة في تصّدر الموقف السياسي وتقوده على النحو الذي ينسجم وغاياتها التي يفترض أن الكثير منها قد سقط ولم يعد له فاعلية في الحياة السياسية. والعجب العجاب أن مثل هذه القوى تفرح كثيراً بالذين ينهجون منهاج الإساءات للآخرين, وتعتقد أنه بمثل هؤلاء تتمكن من تحقيق الغلبة السياسية, والاستواء على كراسي القرار السياسي في المحيط. ويبدو أنهم لم يقرأوا التاريخ جيداً, بل لم يقفوا بوعي ومسئولية على ما أحدثته الثورة على الأرض والذي أودى بموزاين القوى, وأظهر قوى جديدة, تتجاذب القرار السياسي, وتمارس الفعل السياسي بوعي جديد, وبتطلعات جديدة وبآلية تقوم على المصداقية, والشفافية, والقبول بالآخر, واعتباره فعلاً ينبغي احترامه, بكل المقاييس والأبعاد. إن اللجوء إلى تحقير الآخر, وتسفيه مواقفه وآرائه, ضرباً من ضروب الهزيمة, يعكس عمق الضعف والهون الذي أصاب من يلجأ إلى مثل هذا السلوك المنهزم,الذي يركن إلى التشهير بالآخر لينتصر. الحمد لله الذي كشف أمامي واقعاً رأيت فيه عمق القبح في الفعل الحزبي السياسي على الساحة بالمحافظة, وكشف لي أن اعتماد بعض القوى السياسية المنظمة افتراضاً على تزييف الوعي هو الشائع والممارس رغم ما كشفته الثورة وما أظهرت السنتان الماضيتان, من أن البقاء للمبادئ والقيم والانتماء إلى الحقيقة المبنية على بناء الذات بموضوعية واحترام الآخر بإخلاص ومصداقية.. والحمد لله الذي أبان لي أثر فعلي الذي أتوجه به لله والمصلحة العامة, في مقارعة الظلم والاستبداد قد صار مرعباً لقوى حزبية لها وزنها كما تقول, ويهددها صوت إنسان مجرد من كل قوة إلا قوة الرأي والإيمان بضرورة الصدع به, بغض النظر عن ما يترتب على ذلك من أثمان قد يدفعها في يومه وأسبوعه وشهره وسني ممارسته في الاهتمام بالشئون, والحمد لله أيضاً أن كشف أمامي زيف الإدعاء بالشراكة والتعاون مع مسئول يدعي وصلاً بالتغيير, وقوى سياسية واجتماعية تزعم أنها تناضل لأجل ذات الغرض, فنرى ذاك وهذا كل يتوارى وراء ذاته ويتغاضى مع ما يحدث من تشهير وإضرار بمن يفترض أنه يقف مع الجميع في خندق التغيير والعمل لتحقيقه.. والحمد لله أيضاً الذي أظهر لي كم هو العمل من أجل الحق والعدل والإنصاف نافع ومفيد لمن يقوم به, إذ يمده بإيمان قوي بصواب فعله, ويضعه على الطريق المستقيم, والموقف السوي, ويعري أمامه كل زعم وإدعاء. لله الفضل والمنة , وله الحمد والثناء, ونسأله أن يهدي الجميع ويزيل عنهم غثائية الفعل السياسي, وينقيهم من الحقد والحسد والغيرة, والأخذ بأيديهم للتعرف على حقيقتهم وأسباب ضعفهم وتكرار هزائمهم, وأن يجعلهم ينتصرون للمصلحة العامة ويعملون لأجلها. والله الهادي إلى سواء السبيل وهو من وراء القصد,,, رابط المقال على الفيس بوك