على مائدة عشاء أقامته السفارة التركية بصنعاء على شرف السيد أورتو غول، رئيس تحرير صحيفة «حريات» التركية قال الرجل كلاماً لا يقدر بثمن، وسرد انطباعات لا توصف عن اليمن وشعبها بما يعجز حتى أكثر اليمنيين عشقاً لبلادهم التعبير بمثلها، وفي هذا الشأن يروي الصحفي التركي أنه عندما شاهد قبل فترة تقريراً تلفزيونياً على إحدى القنوات الأوروبية يتحدث عن مدينة شبام حضرموت فتعلق قلب الرجل وعقله بتلك الصور الرائعة وظلت تراوده أينما حلّ أو ارتحل، ممنياً النفس بزيارة مرتقبة إلى اليمن.. وفي هذا الحيز نستطيع أن نتذكر العبارات الرقيقة والمشاعر الفياضة والإعجاب الشديد الذي أبداه هذا الصحفي وهو يتحدث عن اليمن، وأتذكر قوله بأنه عندما قرأ تحقيقاً صحفياً منشوراً في مجلة «نيويورك تايمز» الأمريكية، بعد ذلك يشير في مضمونه إلى أن اليمن في الطريق إلى استنساخ الحرب الأهلية الأفغانية وإثر ذلك يقول الصحفي أورتو غول بأنه حزم حقائبه وتوجه إلى أرض السعيدة، حيث البخور والطبيعة والسحر والجمال والتوابل، وفي ذهنه بأن يكحل عينيه برؤية مدينة شبام حضرموت وصنعاء القديمة قبل أن يدخل اليمن في أتون «الأفغنة». ولكن ماذا حدث ؟ يجيب الصحفي التركي غول بأنه توجه فوراً إلى مدينة شبام حضرموت وأمضى أياماً عديدة في اليمن يتجول بين طرقات مدنها القديمة، يخالط المواطن اليمني البسيط، بل إن مما قاله عن الإنسان اليمني بأنه على غير الصورة المرسومة في ذهنية من يعيش خارج اليمن أو من لم تتح له الفرصة لمشاهدة الواقع، إذ إن الإنسان اليمني ودود للغاية، مرحاب بالضيف، كريم في طباعه، فضلاً عن انطباعات إيجابية سردها الصحفي غول عن مشاهداته لفن العمارة الفريد ورسم بكلماته الرقيقة ملامح شخصية الإنسان اليمني بصورة تبعث على الفخر والاعتزاز. إن ما شدني أكثر إلى متابعة هذه الانطباعات دهشة “غول” من حالة ارتباط حياة اليمنيين بالحاضر دون قطيعة مع الماضي.. وهو الانطباع السائد عند المحيط الخارجي بأن الإنسان اليمني انقطعت صلته بالحاضر منذ عقود طويلة، وهو ما استرعى اهتمام الكاتب التركي وهو يقدم قراءة جديدة من منطلق الواقع تصحيحاً لتلك الروايات والانطباعات المغلوطة عن اليمن الحاضر. ولا يكتفي الصحفي أورتو غول بالتوقف عند تلك الانطباعات، بل إنه يمضي في سرد وقائع من خلال مشاهداته عن قدرة الإنسان اليمني في تجاوز الراهن من المشكلات السياسية والاقتصادية معتبراً أن التناقضات القائمة في نطاق الحوار هي بمثابة عملية خلق جديد تضاف إلى عديد السمات التي تؤهل اليمن لارتياد المستقبل بأريحية كبيرة.. في الأخير يقول الصحفي التركي أورتو غول بأن أول عمل سيقوم به إثر عودته إلى اسطنبول هو تحرير مقال إلى صحيفة “نيويورك تايمز” يفنّد فيه خطأ تلك الكتابات ويؤكد في نفس الوقت أن اليمن لن تكون أفغانستان القادمة، وإنما الجنة. رابط المقال على الفيس بوك