عقب تعيين الأخ/شوقي أحمد هائل محافظاً لمحافظة تعز، أعلن في أكثر من مناسبة بضرورة أن يتم التدوير الوظيفي، وبوجه خاص لمديري ومدارس مدينة تعز، لا سيما وأن الشكاوى بالمديرين والمديرات للعديد من مدارس مدينة تعز وبوجه خاص ضد العديد من مديرات المدارس اللاتي بتن يتصرفن على نحو من القروية والمناطقية الضيقة والتي لا تنم لمعاني التربية والتعليم بصلة، وإنما هي أقرب إلى عهود البداوة التي تتنافى وروح العصر وتطوراته، وإلى روح المدنية الحديثة التي تتطلب من صناع العقول ورواد الأجيال عقولاً واسعة للأفق والمدارك، وإدارة مثل هذه المدارس ينبغي أن تكون على مستوى هذا العصر الذي تفرز فيه عقول بني الإنسان: مئات براءة الاختراع على كافة مستويات الحياة.. فالإدارة المدرسية تعتبر من أهم وأخطر الأعمال لأنها تعني لا بضاعة هذا العقل، وإنما بالغوص إلى أعماق الطالب، كما أن الإدارة معنية بخلق جسور من الثقة والعلاقات الراقية والمتطورة بينها وبين المدرس، أما إذا أقامت بينها وبين هذه المعلمة أو المعلم جسوراً من الريبة والشك وتعاملت معهم بطرق “بوليسية” علاوة إلى العقل الأجوف، ونزعة “المعقلة” والمتشيخ، فإنها لا تنتظر أي مستقبل لهذا الطالب أو هذه البلاد، إن علاقة الإدارة المدرسية بهذا المدرس ينبغي أن تكون علاقة تتصف بالسمو والإجلال على اعتباره أي المعلم والمعلمة من قال فيهم أمير الشعراء أحمد شوقي: أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشي أنفساً وعقولاً؟ فالعديد من العاملات بإدارات المدارس ولفترات طويلة، وكذا المدراء أيضاً تنمحى من عقولهم ونفوسهم تلك القيم النبيلة والإنسانية، وتترسخ في أذهانهم ونفوسهم فقط، عادات وأساليب السلطة والتسلط على الآخرين ليس إلا، أما النزوع والتعامل الإنساني الشفاف مع الطلاب والمعلمين والمعلمات فلم يعد إلا أمراً ثانوياً، وإذا كانت هذه المديرة أو هذا المدير إذا كان أحدهما قد انتمى أو انضم لأي حزب من الأحزاب، فالويل كل الويل لهذا الطالب أو ذاك، وإنما للبلاد كلها وخاصة إذا كان هذا الحزب من تلك الأحزاب التي أدبياته وأفكاره قد استقاها منظرو الحزب من سلوكيات وعادات البداوة والتخلف.. أما إذا كان هذا المدير أو المديرة يعملان أو بالأصح يتبعان الحزب الحاكم فإن تصرفاتهما تأتي امتداداً أو انعكاساً لطبيعة هذا النظام أكان نظاماً استبداديا أو قروياً.. ولهذا ينبغي أن تكون المدرسة بمنأى عن التوجهات الحزبية بحيث نضمن جيلاً مستقلاً في أفكاره وشخصيته، وبحيث لا يكون “أمعة” ولنترك حرية الاختيار لأبنائنا وأجيالنا بدون أية وصاية أو إعداد لأدمغة تتفجر “بالريموت” وأخيراً ما أريد طرحه بهذه العجالة هو أن الناس كانوا قد استبشروا خيراً عندما قرأوا وسمعوا بتصريحات للأخ المحافظ ونيته بضرورة إجراء التدوير الوظيفي على كافة مستويات الأجهزة، إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن؟ ومما زاد الطين بلة وعقد المشهد بحيث ازداد تعقيداً، حدث من إرباك وتداخل في أمر الإدارة العامة للتربية والتعليم بالمحافظة، الأمر الذي أعطى فرصة أكبر لتلك العقليات المهيمنة على العديد من المدارس المشار إليها آنفاً وعلى أولئك المعلمين والمعلمات الذين يفوقون المديرين دراية وعلماً وتهذيباً من أن يتمادوا في تصرفاتهم اللا مسئولة والتي جعلتهم يتصورون خطأ من أن هذه المدرسة أو تلك، ماهي إلا ملك خاص بهم لا ينازعهم فيه أحد، والإنسان بطبعه ونفسه الشريرة هي مجبولة على التسلط والاستئثار، ومع مرور وبقاء هذا الشخص بهذا الموقع أو ذاك يتحول إلى حالة من الاستبداد والتسلط، ولذلك استحدث علماء الاجتماع والتربية والإدارة ما يسمى بضرورة التدوير الوظيفي وحددوا فترات محددة للشخص بهذه الوظيفة أو تلك أما على مستوى الحكم والسياسة فقد كانت الأنظمة الديمقراطية هي الحل والعلاج الناجع لكافة الكوارث التي جلبها ويجلبها الاستبداد للشعوب فنحن أحوج ما نكون إلى تجسيد مثل هذه القيم والمبادئ في حقول التربية والتعليم، وفي كافة الحقول المختلفة.. إلا أن الأساس لبناء هذه القيم والمبادئ يكون أقوى وأسلم وأمتن بهذه المراحل العمرية من التعليم كما أن مثل هذه القيادات سواء أكانوا مدراء أو مديرات لم يحدث وأن أعطوا دورات تدريبية لمدة تتراوح بين ستة أو ثلاثة أشهر لمعرفة وتعلم العلوم والمعارف التي تتطور على الدوام وإنما تمضي عشرات السنين وهم في مواقعهم يزدادون ترهلاً وأمراضاً لا في أجسادهم وحسب وإنما في عقولهم وأفكارهم وأساليب تعاملهم. يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه إني رأيت وقوف الماء يفسده إن سال طاب وان لم يجر لم يطب فالحركة نعمة على المرء وعلى البلاد والعباد والتدوير الوظيفي بني على دراسات العلماء وعلومهم ولم يوضع اعتباطاً أو فهلوة كما يتصور البعض.. رابط المقال على الفيس بوك